لا جديد، وكالعادة، بدأ الموسم الدراسي، ولم تحضر نسبة كبيرة من الطلبة والطالبات في الأيام الأولى من الفصل الدراسي سواء في مدارس التَّعليم العالي أو في الجامعات ومؤسسات التَّعليم العالي الأخرى، وإذ كأن هذا السلوك السيئ، الذي يُعدُّ هدرًا اقتصاديًا، قد وصل إلى حدِّ الظاهرة، فإنني أودُّ تسليط الضوء على عدد من الجوانب المتعلِّقة بذلك، ومنها: 1ـ لا يوجد عذر على الإطلاق لطلاب التَّعليم العام بالتغيب حتَّى ليوم واحد نظرًا لمعرفتهم بتاريخ بدء الدراسة قبل بداية الإجازة الصيفية، أما بالنسبة لطلاب الجامعات، فإذا كان لديهم في السابق شيء من العذر للغياب بسبب عدم اكتمال تسجيل المواد، فالعذر لم يعد مقبولاً في الوقت الحاضر نظرًا لاستخدام التقنية في التسجيل وتمكن الطالب من الحذف والإضافة إلكترونيًا وخلال دقائق، ناهيك عن أن العديد من الجامعات قد خصصت عددًا من الأيام للحذف والإضافة قبل بداية الفصل الدراسي، مما يعني جاهزية جميع الطلبة لبداء الدراسة من اليوم الأول. 2ـ تفشي ظاهرة غياب الطلاب في الأيام الأولى بعد كل إجازة ينبئ أن جيل المستقبل سيكون جيلاً غير منضبط وغير مبالٍ بأخلاقيات العمل، إذا ما وضعنا في الاعتبار أن إجمالي عدد طلاب التَّعليم العام أكثر من خمسة ملايين طالب وعدد طلاب التَّعليم العالي قرابة المليون. 3ـ المصيبة أيْضًا أن تغيب الطلاب عن الأيام الأولى للدراسة لا يقتصر على مباشرة الدراسة بعد إجازة الصيف فقط، وإنما يتكرّر ذلك الغياب في أيام الدراسة الأولى بعد عطلة الحج وعطلة عيد الفطر، وعطلة بين الفصلين وعطلة منتصف الفصل الثاني، مما يعني مزيدًا من الهدر الاقتصادي ومزيدًا من الفوضى وقلّة الانضباط. 4ـ الطامة أنك عندما تسأل الطلاب عن سبب غيابهم، يبادرون القول بأن المدرسين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات هم السبب نظرًا لعدم حضورهم في تلك الأيام، وإذا ما كان ذلك صحيحًا، فإنَّ على الإدارات العامَّة للتعليم في مختلف المناطق، وكذلك على الإدارات المختصة بالجامعات المسؤولية في معالجة ذلك واتِّخاذ كافة الوسائل الكفيلة بانضباط الجميع سواء أساتذة أو مدرسين أو طلاب منذ اليوم الأول لبدء الدراسة، وفي ظني أن هناك الكثير من الوسائل العقابية الكفيلة بجعل الجميع يلتزم بالحضور منذ اليوم الأول، كما يقع على الأسرة المسؤولية الأكبر في تغيب ابنهم أو ابنتهم عن الدراسة منذ اليوم الأول للدراسة. 5ـ خلاصة القول، طالما أن مجتمعنا يعيش هذه الظاهرة السلبية التي لها أبعادٌ اقتصاديَّة وسلوكية خطيرة، وطالما من الواضح أن مختلف الإدارات والأجهزة الحكوميَّة التنفيذية قد عجزت عن معالجة هذه الظاهرة على الرغم من سهولة السيطرة عليها، وعلى الرغم من تكرارها منذ سنوات طويلة، لذا فإنني اقترح على المقام السامي الكريم بالتدخل وتوجيه المسؤولين عن تلك الأجهزة بالمسارعة في القضاء على تلك الظاهرة التي الحقت بمجتمعنا الكثير من الآثار السلبية. dralsaleh@yahoo.com الأمين العام لمجلس التعليم العالي