تجلت وحدة الأمة الإسلامية وترابطها في صورة بهية فريدة في أروقة المسجد الحرام وساحاته، البارحة، ليلة ختم القرآن، في ليلة ممطرة تداخلت فيها اللغات واختلطت اللهجات، وتوحدت قلوب المصلين الذين وصلوا إلى مليوني مصل، شهدوا الليلة المباركة وارتفعت أكفهم بالضراعة وهم يؤمنون على دعاء إمام المسجد الحرام الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، خلال دعاء ختم القرآن الكريم عقب صلاة التراويح، وفاضت أعينهم بدموع الخشوع، وسط أجواء إيمانية ومشاهد من التضرع والابتهال إلى الله. وتزايدت أصوات المسلمين في دعاء التضرع لله بأن يحقن دماء المسلمين في جميع بلاد المسملين في الدعاء الذي دام نحو 30 دقيقة، حيث تعالت أصوات المعتمرين والمصلين خلف الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، مؤمنين على الدعاء، بينما انتشر رجل أمن لتأمين سلامة مليوني مصل في رحاب المسجد الحرام، وأعلنت الجهات ذات العلاقة استنفار كافة الجهود لخدمة الأعداد الكبيرة من الزوار والمعتمرين، ما ساهم في تسهيل حركة المصلين والمعتمرين في رحاب البيت الحرام الذين شهدوا ليلة ختم القرآن الكريم. وأكد لـعكاظ قائد قوات الدعم والمشرف على تنظيم المشاة في الساحات الشمالية والغربية بالمسجد الحرام اللواء على الغامدي أن ليلة البارحة نفذ فيها خطة أمنية دقيقة وخاصة لإدارة الحشود وتنظيم حركة الدخول من وإلى الحرم المكي الشريف، وهي المرحلة الأخيرة من الخطط الأمنية المخصصة لشهر رمضان المبارك، مضيفا أنه مع ما شهده الحرم من أعداد كبيرة حرصوا على حضور ختم القرآن الكريم، إلا أن المصلين والمعتمرين أدوا نسكهم وصلواتهم بكل يسر وسهولة. من جهته، بين مدير عام المرور اللواء عبدالرحمن المقبل أن انتشار رجال المرور ساهم في فك الاختناقات المرورية، مشيرا إلى أنهم نفذوا الخطة المرورية بدقة، حيث تم توزيعهم على المنطقة المركزية والمراكز والأسواق التجارية والشوارع والميادين العامة لمتابعة الحركة المرورية. فيما ذكر قائد قوات الطوارئ الخاصة اللواء خالد قرار الحربي أنه تم دعم القوة المشاركة من قوات الطوارئ لتنظيم حركة الحشود البشرية، مشيرا إلى تواجد كافة القوة من الأفراد والضباط المشاركين في تنظيم حركة الحشود. وأفاد قائد القوة الخاصة لأمن الحرم اللواء يحيى بن مساعد الزهراني لـعكاظ بأن جميع منسوبي القوة الخاصة لأمن الحرم المكي الشريف عملوا على تنفيذ الخطط الأمنية بكافة تفاصيلها وبنسبة كاملة لمواجهة الحشود التي شهدها المسجد الحرام البارحة، حيث تابعت الكاميرات الرقمية الموزعة داخل أنحاء المسجد الحرام والساحات ومواقع تواجد المصلين تحركات المعتمرين ومتابعة الحركة وتوجيه الميدان بتحويل المصلين في المواقع التي شهدت كثافة عالية إلى المواقع الأقل تجنبا للزحام والتدافع، منوها إلى أن توسعة خادم الحرمين الشريفين استوعبت أكثر من نصف مليون مصل، مبينا أن الخطة الأمنية مساء البارحة ركزت على تنظيم حركة المصلين في التوسعة والساحات. وقال قائد القوات الخاصة لأمن الحج والعمرة وقائد مهام الساحات الشرقية بالمسجد الحرام اللواء عادل محمد الشيخ إنه تم تحويل المصلين في المسجد الحرام إلى الساحات الشمالية من توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله؛ للاستفادة القصوى من المساحات المضافة، الأمر الذي سهل على قاصدي بيت الله الحرام. إلى ذلك، أبان قائد دوريات الأمن في العاصمة المقدسة العقيد محمد السحيمي أنه تم نشر أكثر من 250 فرقة أمنية ميدانية موزعة على الميدان الرئاسة والمواقف السيارات، وعدد من الدراجات النارية والدوريات السرية؛ لتنفيذ الخطة الموضوعة والمحافظة على النظام ومتابعة أمن السيارات في 12 موفقا بالمنطقة المركزية وخارجها ومتابعة النشالين. إلى ذلك، أدى أكثر من مليون مصل صلاة التراويح ودعاء ختم القرآن في المسجد النبوي، البارحة، وسط أجواء روحانية خاشعة، وأم المصلين الشيخ علي عبدالرحمن الحذيفى إمام وخطيب المسجد النبوي، داعيا الله أن يتقبل الصيام والقيام، وأن يعيد الشهر الفضيل عليهم أعواما عديدة بالنصر والتمكين، وأن يوحد كلمة المسلمين ويفرج هم المستضعفين، وذلك وسط منظومة متكاملة من الخطط التشغيلية التي نفذتها الجهات الأمنية والخدمية في المدينة، بمتابعة شخصية من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة. وشهدت الطرق المؤدية إلى المسجد النبوي كثافة في أعداد المشاة والمركبات القاصدة للمنطقة المركزية ومواقف الحرم منذ صلاة العصر، وبلغت الحد الأقصى لطاقتها المقدرة بـ5200 سيارة، عندها عمدت فرق المرور لإيجاد نقاط للفرز تمنع دخول السيارات للطرق المؤدية للمواقف باستثناء المشتركين. وانشغلت ساحات المسجد النبوي منذ وقت مبكر، ما اضطر البعض إلى الصلاة في الشوارع المتاخمة وباحات الفنادق المجاورة للحرم، مع انتشار رجال الأمن من قطاعات الأمن العام كافة؛ الدفاع المدني، المرور، والمراقبين العاملين في شؤون العمرة ووكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي، والفرق الطبية والإسعافية. وكثفت وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي خدماتها لاستيعاب أكبر قدر من المصلين داخل المسجد النبوي وفي الساحات المحيطة والأسطح، حيث تمت زيادة عدد المفارش وإغلاق جميع المظلات المحيطة بالحرم للسماح بمرور الهواء إلى أماكن الصلاة. وأوضح مدير العلاقات العامة والإعلام في وكالة شؤون المسجد النبوي الشيخ عبدالواحد الحطاب أنه تم تجنيد إمكانات ما يقارب 5 آلاف موظفة وموظف، دائمين وموسميين، من مراقبين ومشرفين ومرشدين وعمال نظافة لخدمة الزوار وتنظيم دخول وخروج المصلين خلال أوقات الصلاة وزيارات الروضة الشريفة للنساء والرجال، وتنظيم صفوف المصلين داخل الحرم وفي الساحات، وتخصيص 300 طن يوميا من ماء زمزم في شهر رمضان المبارك، ويتم نقل مياه زمزم من محطات التعبئة بمكة المكرمة إلى خزانات زمزم بالمسجد النبوي بالمدينة المنورة. وأكد مدير شرطة منطقة المدينة المنورة اللواء عبدالهادي الشهراني أنه تم استنفار جميع القوات الأساسية؛ قوة أمن الحرم، قوة الطوارئ، الدوريات، إضافة إلى تواجد القادة منذ وقت مبكر لتنظيم دخول السيارات إلى المنطقة المركزية، وتنظيم وإدارة حركة المشاة في ساحات الحرم، وإيقاف تدفق المصلين للمسجد النبوي في حالة عدم توافر أماكن وتوجيه المصلين إلى الساحات الخارجية. وفي السياق ذاته، قال مدير عام المرور في منطقة المدينة المنورة اللواء محمد بن عجلان الشمبري إنه تم نشر فرق ميدانية لتنظيم حركة سير المركبات داخل المنطقة المركزية والطرق المؤدية لها، إلى جانب عمليات فرز دخول السيارات للمواقف، ولا سيما في النقاط الأكثر حركة لتسهيل وصول المشاة إلى المنطقة المركزية وساحات الحرم، وقد أسهم الأفراد الميدانيون في التقليل من حالات الدهس التي يتعرض لها الزوار، خصوصا كبار السن، حيث تم تسهيل حركة الحافلات الخاصة في النقل الترددي وأشرف على ذلك 200 دورية مرورية. وأشار مدير الدفاع المدني بالمنطقة العقيد خالد العتيبي إلى أن الخطة تضمنت أمس دعم قدرة الوحدات والفرق الميدانية لأداء مهامها على الوجه الأكمل، ومواصلة الكشف الوقائي على المباني التي يقطنها الزوار، وتكثيف أعمال التوعية من مخاطر الحرائق وحالات الطوارئ.