كانت الأندية في السابق تحلم بأن يصبح لها مستثمرون ورعاة ودخل مادي مجزٍ يمنحهم القدرة على مواجهة أعباء ميزانيات الأندية خاصةً تلك التي تملك ألعابًا كثيرة تحقق البطولات مثل النادي الأهلي، والآن بعد أن أصبحت الأندية تدير بوصلة الاستثمار وتستطيع جلب أفضل العقود وقعت في شراك المفاضلة ثم وجدت نفسها بين فكي التكتلات التي جذبت أفضل الموارد لأنديتها مثل الهلال والنصر، وضعف القدرة على الإقناع والاستمالة الناجحة في بقية الأندية، لقد أصبح الطريق الآن مشرعًا أمام الأندية لاستمالة الشركات المتنافسة على دخول السوق الرياضي إلا أن العقبة الكأداء تتمثل في الفكر الرياضي السائد الآن الذي لا يستطيع التكيف مع هذا الانفتاح الجديد ووضع هذا الفكر تلك الأندية في موقف حرج أمام أقرانها وأمام جماهيرها التي باتت تطالب بأن يجلب النادي عوائد مادية توازي سمعة النادي ومكانته الجماهيرية، الطريف في الأمر أن الجماهير نفسها التي تطالب بالقوة المالية على اعتبار المكانة والقاعدة الجماهيرية ليس لديهم فكرة أن الشركات الراغبة في الرعاية تبحث عنهم أولاً لترويج المنتج وشرائه ومتى ما وجدت الإقبال والفاعلية استمرت في السوق الرياضي واستثمرت لأطول مدة ممكنة، أما الأكثر طرافة فهو سخرية جماهير الأندية الكبيرة من بعضها حيال الشركات التي تم أو سيتم التوقيع معها خاصة التي تستثمر في الوجبات الغذائية أو العطور أو خلافها وردود الأفعال الواسعة في هذا المعسكر أو ذاك كالأهلي والاتحاد مثلاً والتهكم الجماهيري من كون (الطازج) مستقبلاً سيكون أحد رعاة الأهلي في الوقت الذي كان فيه نفس الإعلان على ملابس الاتحاد في فترة ماضية ولم يجد أي صدى جماهيري أو سخرية آنذاك وهو ما يدل على الفرق في التعامل والعقليات الناضجة التي تتعامل مع الاستثمار كاستثمار يدر دخلاً مجزيًا أيًا كان مصدره على غرار الفكر الاستثماري في أوروبا ومنهج الأندية هناك في استقطاب الشركات الراغبة في الإعلان دون النظر لنوعية منتجها، وإذا كان هذا حال بعض الجماهير أيًا كان انتماؤها فإن من السخيف أن هناك من يقول إنه ينتمي للإعلام ويفضح نفسه بضحالة ثقافته وتصادمه الدائم مع الجماهير بمحاولة الإساءة للأندية من خلال استثماراتها وهذا يؤكد من جديد أن مثل هؤلاء أتوا للواجهة الإعلامية من أجل الشهرة وهم في الأصل لا ينتسبون للإعلام المهني النظيف وليس لديهم تجربة طويلة في هذا المجال ولا حتى وازع من علم وثقافة ويمكن تصنيفهم بأنهم من طبقة (الإعلام اللطيف). ـ أن الوعي الجماهيري يسوق له إعلام نزيه مثقف يعي أهمية المرحلة المقبلة للأندية والرياضة السعودية عمومًا التي تبحث عمن يطور إمكاناتها من خلال مدخولات مادية ثابتة تعزز الاستقرار وتبعث الرغبة على التطور والانتقال إلى مرحلة أكثر نموًا خاصةً في مجال كرة القدم، وطالما غاب الدور الإعلامي الذي يثقف الجماهير ويحثهم على المشاركة الفاعلة وطالما أيضًا غاب دور إدارات الأندية في مجال بث الوعي في هذا الجانب فإن العلاقة ستكون جامدة بين الشركات التي ترغب في الاستثمار من جهة والأندية من جهة أخرى على الأقل في معظم الأندية ما عدا نادٍ أو ناديين. ـ ها هو الهلال استفاد كثيرًا من (زغبي) التي روجت لجماهيريته فجلب أكبر الشركات وأفضلها، وإذا كنا نرى أن هناك من تلاعب بالواقع فإننا يجب أن نحترم من قاد الهلال بذكاء لأن يصل إلى هذا التواءم مع الشركات المتنافسة على دخول المجال الرياضي ونلوم الأندية الأخرى التي ظلت تتابع هذه الأدوار دون أن تتحرك لديها الحماسة والرغبة في المنافسة على كسب المستثمرين واللعب حتى من تحت الطاولة، فالاستثمار ساحة غناء، وغابة كثيفة الأشجار والثمار، القوي هو من يكسب فيها ويقطف أفضل الثمار، بمعنى آخر يجب أن تفكروا بمثل هذا الفكر حتى لا ينفرد الهلال بالشركات وتبقى بقية الأندية على الفتات.