استعاد الحاج حسين بن عباد أبو شملة شيئًا من ذكريات الماضي الجميل لصيام شهر رمضان المبارك قبل نحو سبعين سنة مضت، وكيف كانوا يستقبلون شهر الله الفضيل والمُعاناة التي تُواجههم أثناء الصيام في عِز وشدّة الحرارة صيفًا و البرد القارس شتاءً. ولفت إلى أنه صام في سنٍ مبكرة جدًا حيثُ لم يتجاوز التاسعة من العمر، وكان صومه تدريجيًا كل يوم يصوم شيئًا من النهار حتَّى تدرب وتعود على الصيام، مبينًا أنهم كانوا يمسكون عن الطعام في منتصف الليل بعد تناول السحور، ثُم ينامون كونهم لا توجد عندهم وسائل إتصالات كالتلفزيون والهاتف في القرية في ذلك الوقت، ومع نداء أذان الفجر يصحون للصلاة. وقال:»تبدأ رحلة العمل مبكرًا في الزراعة في النخيل كالسقي، والتسحيت، والتنبيت، والندار، والتحميل، والعمارة، وغيرها من أعمال الفلاحة، وكُنا من شِدَّة الحر في وقت القيظ وهي ذروة ارتفاع الحرارة والرطوبة نقوم بتبليل الأرض اليابسة بالماء وبخِها من أجل أن تعود علينا بالبرودة وتُطفئ لهب الحرارة المُرتفعة ونأخُذ طولنا ونرتاح هنيئة من الوقت، ولا نعود بيوتنا إلا والشمس صهرت أجسامنا وحرقت وجوهنا وتغيرت رسومنا». وأضاف أنهم حينما يقدمون إلى البيوت فلم توجد حينها كهرباء، قائلا: «نستعين بالمراوح اليدوية المصنوعة من خوص النخل وننام في حوش البيت على الرَّمل الرطب ونلقى راحتنا قليلاً. وأضاف أبو شملة كُنَّا نذهب مشيًا على أقدامنا مسافة تصل إلى سبعة وثمانية كيلو مترات ذهابًا وإيابًا في شدة الحر والبرودة والأمطار والرياح وكُنَّا صائمين، لافتًا إلى أن من أكلات ذلك الزمان في شهر رمضان المرقوق والمبصل والفريجة. وأضاف أنه على الرغم من أن شهر رمضان لم يتغير عن السابق من ناحية الزمان، إلا أن الظروف والعادات والتقاليد تغيرت، بسبب المدنية والتكنولوجيا، قائلاً: «حينما كان يقدم رمضان فله روحانية أكثر فتجد التواصل والألفة والتقارب والتزاور بين الأهل والناس وكُنَّا نستقبل رمضان بالفرح والاستبشار ونُودِعه بالحُزن لأنَّ شهر الخير والبركات والعتق من النار سيرحل عنَّا»، مطالبًا الأهالي بحث وتشجيع أبنائهم الصغار وتدريبهم على الصيام في وقتِ مبكر والتوضيح لهم بفضل وفوائد الصيام الدينية والصحية.