أكد اقتصاديون خليجيون ل"الرياض" أن إعلان المملكة عن موافقة مجلس الوزراء على التوجه لبناء سوق مالية إقليمية وعالمية للاستثمار المباشر للمؤسسات المالية، في قطاع الأسهم تحديداً، سيجعل من هذه السوق المنتظر أن ترى النور بحلول 2015، سوقاً اقليمية تحتضن الاستثمارات الخليجية والعربية في وعاء اكبر وأكثر انفتاحاً على العالم والأسواق المتقدمة، وسيرفع القيمة الرأسمالية لسوق الأسهم إلى أكثر من مستواها الحالي الذي يربو على 531 مليار دولار. وقال استاذ التمويل في جامعة الكويت، الدكتور تركي بادي الرمالي، ان هذا الاعلان وحده يكفي لأن تكون السوق الإقليمية المرتقبة، سوقاً عالمية بكل المقاييس، مستشهدا بالارتفاع الكبير وغير المسبوق الذي شهدته القيمة المتداولة للسوق بتأثير اعلان هذا التوجه، حيث وصلت مستويات السيولة إلى أكثر من 12.2 مليار ريال، كما بلغ المؤشر قمة جديدة لم يصل إليها منذ 7 سنوات باختراقه حاجز ال 10 آلاف نقطة. ورأى استاذ التمويل بجامعة الكويت، أن توجه المملكة إلى فتح أسواقها المالية إلى المؤسسات العالمية لا سيما الرصينة منها، سيرفع من جاذبية المملكة للاستثمارات، كما أن ارتفاع القيمة المتداولة وهو أمر بات واضحاً ولا شك فيه، سوف يرفع من معدل الدوران لجميع الاسهم وهو ما شهدناه في الجلسة الماضية التي ارتفعت فيها كامل الأسهم المدرجة ما عدا أربعة او خمسة أسهم لديها مشاكل مع هيئة السوق المالية، من حيث إيقاع عقوبات عليها أو أنها لم تلتزم بمعايير تقديم بياناتها المالية. واشار الدكتور تركي إلى أن هذا الارتفاع بمجرد الإعلان عن توجه المملكة لفتح السوق أمام المستثمر الأجنبي، وبالذات المؤسسات الأجنبية، هو السبب الرئيس للارتفاعات، وهو الذي سيقود السوق إلى مزيد من الارتفاع مستقبلاً، فلم يكن الصعود الأخير لمؤشر السوق بسبب نتائج مالية أو صفقات داخلية، بل بسبب إعلان توجه عام وهو ما يكشف أن السوق مستعدة لتحقيق قفزات لكنها ينقصها بعض التعديلات التشريعية التي ستواكب هذا القرار. وأفاد أن السماح للأجانب بالتملك في الأسهم السعودية، سوف يساهم بثلاثة عوامل حاسمة، أولها توسيع قاعدة السيولة، وثانيها رفع عمق سوق الأسهم بحيث تكون أكثر استقراراً، وثالثها التقليل من حدة تأثير المضاربين على مجريات التوجه العام للأسهم. من جانبه قال رئيس قسم المحاسبة بجامعة الكويت، الدكتور صادق البسام، إن الاستثمارات الأجنبية الكبيرة في المملكة سوف تساهم في تعزيز تدفق استثمارات خارجية كبيرة إلى السوق في الفترة المقبلة، ومن ثم تجعل الطريق ممهدة أمام انشاء شراكات عربية وأجنبية وسعودية لإدراج كيانات جديدة. وقال ان السعودية لديها قوة اقتصادية لا توجد في المنطقة من ناحية الموارد الطبيعية ولديها موارد متعددة وموانئ على الخليج العربي ومنافذ برية وبنيتها التحتية متطورة بشكل يجعلها تتفوق على دول المنطقة في هذه الناحية، وأن تصبح قادرة على مواجهة اية توسعات اقتصادية استثمارية ومالية وهي في النهاية العمق الاستراتيجي لدول المنطقة، وسوف تكون محط أنظار العالم في التعاون الاقتصادي مع المنطقة. واعتبر أن الدول المحيطة بالمملكة، التي تتمتع بعلاقات وثيقة الصلة اقتصاديا، سيجعل من السعودية قادرة على خدمة الإقليم، وتجعل من منطقة الخليج، كتلة اقتصادية بشكل يعزز من مسيرة العمل المشترك في مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وتحدث البسام عن تطور معايير الشفافية بشكل متصاعد خلال السنوات الثلاث الماضية، لا سيما مع القرارات الأخيرة التي اتخذتها هيئة سوق المال السعودية، وحرصها على رفع مستوى الشفافية والعقوبات التي اعلنت عن عدد من الشركات وإيقاع عقوبات صارمة بمئات الالاف من الريالات على بعض الشركات. واشار الى موقع المملكة في مجموعة الدول العشرين الأكثر تأثيراً في اقتصاد العالم، موضحا أن السماح للأجانب بالتملك الحر في سوق رأس المال هو واحد من أهم العلامات على تطور الاقتصاد وحيوية مؤسساته المالية، وقدرته على التمازج والتعاون مع العالم الخارجي، متوقعا أن تتدفق الاستثمارات بالدرجة الأولى من أسواق الولايات المتحدة ومن ثم أوروبا، في حال خطت المملكة خطوات فعلية لتأسيس هذه السوق الضخمة. من ناحيته قال المحلل المالي بدولة الامارات ميثم الشخص، ان سوق المال السعودية في الوقت الحالي تسعى إلى الترقية إلى رتبة الأسواق الناشئة، وسوف تنجح بشكل كبير في هذه الخطوة التي تعد المحفز الأكبر لتحقيق السوق المالية الاقليمية. واوضح أن المؤشرات كافة تعزز من قيام سوق ضخمة في الشرق الأوسط وأن سوق الأسهم في المملكة المرشحة الأولى لمثل هذه الخطوة لأنها في الوقت الحالي أكبر سوق عربي، وأكبر سوق في المنطقة من حيث القيمة الرأسمالية وتعززت فيها معايير الشفافية وحماية المتداولين. ورأى الشخص أن من بين اهم المعايير، التي نجحت هيئة سوق المال السعودية في ترسيخها، هي معايير الشفافية، وتطبيق معايير الرقابة الجديدة، اضافة إلى نقطتين مهمتين أولهما تطبيق مفهوم "الحوكمة" أو الإدارة الرشيدة، المرافقة لتلك الشفافية التي باتت تراقب أداء الشركات بشكل نوعي منقطع النظير مثل أن تربط حصيلة تحقيق الإيرادات المتوقعة ومعرفة منابع تلك الإيرادات لكل شركة مدرجة في السوق، وربطها في النشاط الطبيعي لعمل تلك الشركة. وأضاف الشخص أن ثاني النقاط المهمة، أن سوق السعوية تمكنت من تعزيز السيولة خلال السنة الحالية بشكل غير مسبوق، وارتفع معدل التداول اليومي بشكل يوحي بأن قدر الثقة قد ارتفع وتخطى الحواجز النفسية التي خلقتها الأزمات المالية في العالم. وأشار الى اهتمام طيف كبير وواسع من كبار رجال الأعمال في العالم، في سوق المملكة، التي باتت قبلة لكل مستثمر جاد يرغب في تأسيس نشاط تجاري يخلق قيمة مضافة، وستكون السوق المالية المرتقبة القادمة من الفوائض النفطية ومن مشاريع عملاقة داخل المملكة عامل الثقة الأكبر في رفد السوق المالية السعودية وعامل الجذب الأهم للأموال المتدفقة من الصناديق العالمية.