هواية التكفير والعلمنة ظاهرة انتشرت بشكل مخيف بين شرائح عدة، فكر دخيل يرى أنه الأحق بالبقاء والأصح للحياة، فأصبح القذف بالألقاب موضة إما للقاذف أو المقذوف، فالقاذف يريد أن يُرى كمدافع عن رأيه وتوجهه والمقذوف يريد أن تكون له هالة إعلامية تسوق نتاجه بدون تعب، حيث أصبحت بعض الألقاب مفخرة لبعض الكتاب! ثقافة الإقصاء والتكفير لا يستطيع أحد أن ينكرها في تراثنا الديني، بل في جميع الأديان الأخرى، وقامت بسببها حروب ومعارك وأحداث غيرت مجرى التاريخ، أنا لا أخالف التكفير، فالتكفير موجود حتى في القرآن ولكن ما أريد أن أهدف له هو من الذي يتحكم في زمام هذه الثقافة؟ ولماذا زادت عن حدها في الفترة الأخيرة؟ العجيب هو صمت بعض علمائنا الكبار عن ردع من يكفر ويندد ويثير الغبار في وقت نحتاج أن نكون جسدا واحدا كي نتعايش، فالتعايش مفهوم كبير لا تسعه العقول الصغيرة. لماذا لا نتعايش تحت سقف واحد بكل أمان، ونبتعد عن التكفير وعن ترديد الأحكام؟ لا تقتنع بديني ولن أقتنع بدينك ولكن لنضع بيننا الاحترام، ستتغير بتعايشنا مفاهيم أصولية مثالية إلى واقعية للبقاء، ما لم تكن من القرآن، فالواقع يحكمنا وفيه نكون وليس في الكتب والأحلام! نحن نتوجه لانقسام كبير ما لم نتدارك المتحمسين فكريا المدافعين دون علم ومن يستقي الأفكار من كل الناس إلا من كتابها أنفسهم، نحتاج لتعزيز مفهوم الوعي والحوار، والأهم الشفافية في طرح الأفكار كي تُناقش بصراحة دون تكبر، نحتاج لترسيخ أهمية خطب الجمعة في طرح المواضيع وتنمية التفكير في مناهجنا، نحتاج لخطط استراتيجية في الفكر، يجب أن ندرك أن هناك خلافات حتى في الفقه فكيف عن عقولنا نحن! لنتعايش تحت مظلة وطن واحد، ندعوا لديننا بهدوء فإن لم يتقبلوا فلكم دينكم ولي دين، ما دمتم لم تمسونا بضرر. احتياجاتنا تعادل تساؤلاتنا، وليس في زيادة أحدهما على الآخر فائدة! لذلك لنحاول التقليل منها توازيا، ولكي نصل لطريق آمن لا بد من الوضوح، فلا يولد في الظلام سوى خلل، ولنفهم كيفية التعايش بمجتمعنا متمسكين بثوابتنا كي لا تنتج ردة فعل انعزالية وبعدها تصبح خطاباتنا الإصلاحية مترهلة!.