في شهر الرحمن، شهر رمضان ليس أجمل من قضاء الوقت في موقع دافىء جميل تعتاده وتألفه ويبادلك هو ذات الإحساس، ذات الجمال، ذات العطاء. جربت قضاء رمضان خارج الوطن وداخله، لكن يبقى لرمضان داخل الوطن نكهته ومزاياه التي لا مثيل لها خارجه سواء فيما يتعلق بالروحانية التي تعم أنحاءه وموائد الإفطار التي تعمر بها المساجد والمناطق المحيطة، هذا علاوة على تلك التكبيرات والصلوات التي تضج بها المساجد طوال الوقت وفي أيام العشر من رمضان يمتد هذا البهاء حتى مشارف الفجر. ولأننا نعيش حقبة يحل علينا فيها رمضان ونحن نعاني لهيب الصيف فقد توجهت إلى مصايف الوطن.. بدأت رحلتنا عبر الطائف التي زرتها منذ عامين وقد بدت لي كما تركتها، ليس ذاك وحسب بل يخيل إلي بأن الطائف لم تتطور كثيراً خلال ثلاثين عاماً مضت عدا اتساع مساحتها، تحتاج الطائف إلى تطوير منتزهاتها وتحسين شوارعها إضافة إلى الاهتمام أكثر بنظافتها. كانت السيارة هي وسيلتنا الوحيدة للتنقل، وقد بدا لي الطريق من الباحة إلى أبها غير مريح إطلاقاً لوجود إصلاحات فيه كما علمت، ولعله يصبح أفضل حين يتم إنجازه، أما الباحة فقد كان منتزه (رغدان) مفاجئاً لي بترتيبه وأناقته. ثم تأتي أبها التي تنقلك من الأرض إلى السحاب وتحتويك بأجوائها اللطيفة المنعشة. لا أقول بأني شاهدت كل القرى والمدن شبراً شبراً سواء في منطقة الجنوب أو في الطريق إلى مدينة الرياض، لكنني شاهدت بعضاً من جمال، لا بد لي من الإشارة إليه على سبيل المثال: توقفنا في حديقة عامة حديثة الإنشاء في مدينة الأفلاج كانت غاية في الترتيب والجمال، (وادي الدواسر) بدت لي تلك المحافظة أكثر نظافة وتطوراً عن ذي قبل. مصائف بلادنا جميلة، جديرة بالزيارة لكن ينقصها بعض الأمور أهمها: النقل العام داخل المدن ذاتها وإن لم يوجد فلا أقل من حافلات سياحية تتكفل بنقل الناس بأسعار مناسبة عبر المناطق السياحية المختلفة، أيضاً نحتاج إلى زيادة عدد الرحلات الجوية من وإلى المصايف عبر مناطق المملكة المختلفة. ملاحظة أخيرة: حين دلفنا إلى مدينة الرياض عبر الجنوب، فاجأتنا رائحة قاتلة تنبعث من هناك سبق لي أن قرأت بشكوى الساكنين في تلك المنطقة من جرائها، ربما تكون بسبب مشكلات الصرف الصحي أو بسبب بعض المخلفات التي تتلقاها الأرض هناك، هذه قضية مهمة تمثل تهديداً للبيئة وللصحة العامة لا بد من إيجاد حل عاجل لها، توغلنا أكثر بعد ذلك لنختنق بالزحام المروري الذي تعاني منه رياضنا الحبيبة، وهذه قضية أخرى بحاجة إلى وضعها على مائدة النقاش لتحليل أسبابها ومعالجتها.