من مؤتمر القمة الإسلامي الثالث قبل نحو 33 عاما وحتى مؤتمر القمة الاسلامية الطارئة، مرورا بقائمة طويلة من لقاءات التصالح بين الأشقاء، كانت مكة المكرمة وما زالت منبرا لخير الأمة وصلاحها كما هي منبر لصوت الحق تبثه للعالم نشرا للحب والسلام. وقد تميز مؤتمر القمة الإسلامي الثالث بأن عقد في رحاب المسجد الحرام وبجوار الكعبة المشرفة عند مطلع القرن الهجري الخامس عشر وفي الشهر الذي شهد ميلاد محمد رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فكانت محفوفة بجلال هذا الموقع وبعظمة ذلك الظرف التاريخي الخاص مما خلع على جلستها الافتتاحية في المسجد الحرام طابع الخشوع والهيبة وجعل قادة الأمة الإسلامية يستشعرون عظمة موقفهم ذلك بين يدي الكعبة المشرفة ويصطفون صفا واحدا للصلاة ويتوجهون بدعاء واحد إلى الله سبحانه وتعالى متوسلين إليه أن يعينهم على حمل المسؤوليات الثقيلة الملقاة على عاتقهم في عالم محفوف بالمخاطر والتحديات وأن يهديهم إلى سبيل التضامن والألفة والرشاد وأن يعينهم على نبذ دواعي الفرقة والشقاق حتى تعود الأمة الإسلامية بهدايته عز وجل وتوفيقه كما أرادها الله أن تكون في الذكر الحكيم «خير أمة أخرجت للناس». وقبل عامين من الآن كانت الأمة بقادتها وشعوبها على موعد مع البقاع الطاهرة «القدسية والدور» عندما دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إخوانه قادة الدول الإسلامية لحضور مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي يومي 26، 27 رمضان 1433 الموافق 14، 15 أغسطس، بهدف جمع كلمة المسلمين وتحقيق ما تصبو إليه الأمة الإسلامية من آمال وتطلعات، وتحقيق الخير لشعوبها. لمكة المكرمة مكانة خاصة لدى كل المسلمين على وجه الأرض، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من أكثر الناس إدراكا لهذه الحقيقة، ولم يدع حفظه الله مناسبة إلا ويؤكد عليها قولا وعملا، وأحد الشواهد الحية النداء الذي وجهه رعاه الله قبل سنوات لأشقائه الفلسطينيين ودعاهم فيه الى الاحتكام الى العقل وتغليب لغة الحوار على لغة السلاح لأن ما يجري على الثرى الفلسطيني وصمة عار تلطخ تاريخ الكفاح الوطني المشرف لأبناء الشعب الفلسطيني. وقال حفظه الله في النداء الذي وجهه لجميع الفلسطينيين «فإننا اليوم وبعد التوكل عليه جل جلاله وبأمل ورغبة واصرار ادعو اشقائي من الشعب الفلسطيني الشقيق ممثلين في قادته بوضع حد فوري لهذه المأساة والتزام الحق».