قال مسؤولون وخبراء في القطاع المصرفي إنه يمكن لمصر المساهمة في إصلاح اقتصادها باستخدام السندات الإسلامية "الصكوك" للاستفادة من مصادر جديدة للسيولة المحلية والخارجية لكن البلاد بحاجة إلى مزيد من الوضوح التشريعي والسياسي لتطوير سوق الصكوك. وأضافوا أن هناك حاجة إلى أدوات مالية جديدة لتمويل مشاريع عملاقة تساهم في إنعاش الاقتصاد الذي تضرر بسبب ثلاث سنوات من الاضطراب السياسي مع الإبقاء في الوقت نفسه على عجز الميزانية والدين الحكومي تحت السيطرة. وقال محمد عشماوي رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد الذي تملك الدولة 99 في المائة من أسهمه في تصريح لخدمة زاوية: "الحل يكمن في السندات الإسلامية التي لا تزال تواجه معوقات في السوق المصرية. ينبغي إحياء الملف "الصكوك" وتحديد المشاريع التي يمكن تمويلها بالصكوك". غير أن التعديلات القانونية اللازمة لتنشيط إصدارات الصكوك من الجهات السيادية والشركات قد يتعين أن تنتظر على الأقل إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية القادمة التي من المتوقع إجراؤها في نهاية العام 2014. وكانت حكومة الرئيس السابق محمد مرسي قد أقرت مسودة قانون يجيز إصدار صكوك سيادية للمرة الأولى لكن القانون علق بعد عزل مرسي في العام الماضي. ومن المعوقات التي تقف في طريق التشريع ما أثاره علماء الدين من مخاوف بشأن إمكانية إساءة الحكومة استغلال الأصول العامة باستخدام القانون. ويخضع مشروع القانون حاليا لمراجعة وزارة المالية قبل إحالته المتوقعة إلى البرلمان القادم. وقال عشماوي: "القانون تعثر بسبب الخلاف على تشكيل الهيئة الشرعية، كم عدد الأعضاء؟ وهل ستضم علماء في الشريعة من خارج مصر؟ وهل ستكون هناك سلطة واحدة للإشراف على كل المشاريع أم ينبغي أن تكون هناك هيئة شرعية لكل مشروع؟" وقالت بسنت فهمي أستاذ المصارف والتمويل بالجامعة الفرنسية: إن قضية الأصول العامة لا تزال مثار جدل بسبب غياب الوضوح من جانب الحكومة بشأن مقدار ما تسعى إلى جمعه من أموال من خلال إصدارات الصكوك وكيفية استثمار الأموال وكيف يمكن أن يتخارج المستثمرون من الأصول. وقالت لزاوية: "العقبة الرئيسة هي غياب الوضوح من جانب الحكومة في تحديد الدخول والخروج المناسب "للمستثمرين" في الصكوك"، مضيفة أن المشاريع التي ستمولها الصكوك ينبغي أن تدرج في سوق الأسهم. وأضافت قائلة: "ينبغي للحكومة المصرية تحديد الغرض من إصدارات الصكوك. هل هي أدوات استثمار أم أدوات دين؟ إذا كان الهدف زيادة السيولة فسيكون من الأفضل إصدار سندات "تقليدية". التصنيفات الائتمانية لمصر لا يمكن أن تشكل ضامنا لاستثمارات كبيرة". ونقل تقرير لـ "رويترز" أمس الأول عن مسؤولين كبار قولهم: إن مستشارين غربيين يساعدون مصر في إعداد خطة للإصلاح الاقتصادي يقولون إنها بحاجة إلى استثمارات لا تقل عن 60 مليار دولار لرفع متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5 في المائة بحلول العام 2018 و60 مليار دولار أخرى لتعزيز احتياطياتها الأجنبية. وتتوقع ميزانية مصر للسنة المالية 2014-2015 عجزا يبلغ نحو 240 مليار جنيه مصري "33.6 مليار دولار" أو نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وأشارت بيانات للبنك المركزي المصري نشرت في يونيو (حزيران) إلى أن الدين المحلي الإجمالي ارتفع 17 في المائة في آذار (مارس) مقارنة مع مستواه قبل عام ليصل إلى 1.7 تريليون جنيه. وقال باسم نديم الخبير لدى تنمية كابيتال: "في حالة مصر يمكن خفض الدين العام إذا استخدمت إصدارات الصكوك لتمويل مشاريع البنية التحتية وهي مناسبة للصكوك لأنها تكون مدعومة بأصل عيني". وأضاف قائلا: "سيكون دور الحكومة بعد ذلك إدارة برنامج الصكوك والإشراف والتنسيق بين المستثمرين والمشروع دون تحميل ميزانية الدولة أعباء". وقال عشماوي: إن أحد الخيارات الممكنة هو قطاع الطاقة المتجددة لا سيما مشاريع الطاقة الشمسية التي من شأنها معالجة النقص المتكرر في الكهرباء في البلاد. وقال عبد الحميد أبو موسى محافظ بنك فيصل الإسلامي في مصر: إن قانون الصكوك سيدعم السوق وإن بنك فيصل من بين المصارف التي تقف مستعدة للمشاركة في تمويل مشاريع يتم إطلاقها بموجب برنامج حكومي للصكوك. وقدمت الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر قانونا منفصلا لصكوك الشركات إلى وزارة المالية. ونقلت وسائل إعلام محلية عن أشرف الشرقاوي رئيس الهيئة قوله في كانون الثاني (يناير): إن قانون الصكوك السيادية يهدف لتنظيم تمويل الميزانية الحكومية والمشاريع الوطنية والمؤسسات العامة في حين أن قانون صكوك الشركات طرح لتمويل الشركات والمؤسسات الخاصة. وأضاف، أن البرلمان قد يقرر دمج القانونين المقترحين. وقال مسؤول كبير من شركة إعمار مصر العقارية التابعة لإعمار العقارية التي مقرها دبي في تصريح لزاوية في وقت سابق هذا العام: إن الشركة تود دراسة إصدار صكوك لتطوير مشاريع في مصر لأن الأموال التي تتيحها المصارف التجارية محدودة. لكنه قال: إن عدم وجود تشريع واضح يجعل من الصعب التوصل إلى اتفاق بشأن إصدار صكوك. وقال محللون: إن تطوير قطاع الصكوك سيساعد في توسيع الاستثمار للقطاعين العام والخاص من خلال جذب استثمارات من دول الخليج العربية. وقالت بسنت أستاذ المصارف والتمويل بالجامعة الفرنسية: "تسارع الدول الأوروبية إلى سن تشريعات للصكوك لجذب رأس المال الخليجي والعربي لتمويل مشاريع كبيرة". وأصدرت بريطانيا أول صكوك سيادية لها هذا العام وتعتزم لوكسمبورج السير على نهجها. ولا تزال ماليزيا والإمارات والسعودية تهيمن على سوق الصكوك العالمية. وقالت شركة بيتك للأبحاث التابعة لبيت التمويل الكويتي: إن إصدارات الصكوك من جانب كيانات سيادية شكلت 68.6 في المائة من إصدارات جديدة قيمتها 31.2 مليار دولار في الربع الأول من 2014.