عبدالله البرقاوي- سبق- الرياض: استنكرت الأمانة العامة للهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته ما صدر عن وزير تركي من إساءة للنبي. وأكدت الأمانة في بيان صدر عنها بأنها دققت في تلك الكلمة وتحققت من صدورها عنه شخصياً، فيما عرضتها أيضاً على الخبراء في اللغة التركية ومحتوى المضمون الإعلامي والشرعي للكلمة في لغتها الأصلية ومن ثم ترجمتها الدقيقة للغة العربية ونتج عن هذه الإجراءات ثبوت حصول المعنى المسيء لجناب النبوة في تلك الكلمة. وفيما يلي نص البيان: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيِّد الخلق أجمعين، وأشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد: فإن الأمانة العامة للهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته وانطلاقاً من رسالتها في نصرة النبي صلى الله عليه والسلم والذب عن جنابه الشريف، وبخاصة مواجهة الإساءات التي لها صفة الرواج والانتشار، قد تابعت الكلمة التي صدرت عن وزير الداخلية التركي (إفكان علا) واستطرد فيها بالحديث عن فتح مكة المكرمة بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومع تقدير الأمانة العامة للهيئة لكل من يحرص على الاستشهاد بالسيرة النبوية الشريفة وربط واقع الناس بها؛ إلا أن كلمة الوزير قد تضمنت وصفاً جافياً للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما حملنا على التدقيق في تلك الكلمة بالتحقق من صدورها عنه شخصياً، وبعرضها أيضاً على الخبراء في اللغة التركية ومحتوى المضمون الإعلامي والشرعي للكلمة في لغتها الأصلية ومن ثم ترجمتها الدقيقة للغة العربية. وعليه فإن الأمانة العامة للهيئة - وقد ثبت لديها حصول المعنى المسيء لجناب النبوة في تلك الكلمة - تستدرك قول الوزير: (من المحتمل أن الرسول نسب لنفسه بعض الفضل في ذلك فأصابه الغرور) وتبين أنه قول خاطئ جملة وتفصيلاً، ولا يتطرق الاحتمال قطعاً إلى جناب نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم بأنه اتصف يوماً من الدهر بالغرور، حاشاه عليه الصلاة والسلام، بل إنه كان طيلة حياته الشريفة متواضعاً للخَلق، متذللاً مخبتاً للخالق جل وعلا. وفي مناسبة فتح مكة أبدى رسول الله صلى الله عليه وسلم من التواضع واللطف والإخبات والرحمة والعفو والصفح ما شهد به الجميع، على النقيض مما يفعله المنتصرون غالباً من الزهو والاستعلاء الذي التبس على الوزير أنه ربما وقع للمصطفى عليه الصلاة والسلام. فقد نقل ابن اسحاق وابن هشام وغيرهما من المؤرخين وأهل السير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة يوم فتحها دخلها راكباًناقته، وهو متواضع حامد شاكر، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، قد حنى ظهره حتى إن طرف لحيته ليمس مورك رحله، مما يطأطئ رأسه خضعاناً لله عزوجل، ومعه الجنود والجيش العرمرم الذي لا يُرى آخرُه. هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سمو أخلاقه وكريم صفاته طيلة حياته الشريفة، ولذا أثنى عليه ربُّه وزكَّاه فقال: (وَإِنَّكَلَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [سورة القلم: 4]. وأما قول الوزير: ((إلا أن التحذير سرعان ما أتى الرسول (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) )). فنقول: إن وصف الوزير للآية بأنها تحذير للرسول عليه الصلاة والسلام خطأ واضح، ولم يقل بهذا التفسير أحدٌ من علماء المسلمين، بل إن الآية فيها الحفاوة والتكريم الرباني للنبي الأمين، بعد أن أقر عينه بظهور دينه وهداية الناس بعد أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة، فنُعيتْ إليه نفسُه، وأرشده ربه للتسبيح والتوبة، ليُختم له بالزيادة في العمل الصالح. وقد حررنا ما تقدم حماية للجناب النبوي الشريف أن يُنسب إليه ما لا يمت للواقع والحقيقة بصلة، وحتى لا يلتبس الأمر على أحد من الناس. ونسأل الله جلَّت قدرته أن يفقهنا والمسلمين في دينه وأن يرزقنا حسن الاقتداء بنبيه محمد، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.