إذا كان لألمانيا التي تحظى بسمعة عالمية ممتازة وجودة عالية وصناعة فخمة بالمنتوجات كقوة تحمّل وإتقان كصناعة المحركات والهندسة الميكانيكية للشركات العملاقة كمرسيدس (بنز)، بورش، فولكس فاجن، أودي، وبي إم دبليو ذات السمعة العالمية الواسعة كقوة وأمان وسلامة فإن لمنتخبها الذي يدعى “مانشافت” ذي السمعة من الجودة والإقناع وفخامة الحضور والتأثير بالشكل الذي يمكن أن ندرجه ضمن قائمة (صنع في ألمانيا) الماركة المعروفة عالمياً والعلامة المشهود لها بالجودة والإتقان وأضيف لها “الإقناع”. فالبضائع (الجيرمانية) تبهرك بمحتواها الفني؛ النسيج الداخلي قبل الخارجي، منتخب ألمانيا الحائز على اللقب العالمي مجدداً ليضيفه لنجماته الثلاث كأول فريق أوروبي يحوز على اللقب العالمي من على أرض أمريكا الجنوبية، في المباراة التي جمعته بالأرجنتين وفاز عليه بكرة البديل الإستراتيجي اللاعب القادم من مقاعد البدلاء “غوتزة”، الذي حسم النهائي لصالح بلاده ليصبح بعدها بطلاً قومياً. تألق ألمانيا وحصدها للكأس لم يأتِ من فراغ والمتتبع للماكينات ليس بهذه البطولة فحسب، بل عبر المونديالات الأخيرة يجد اسمها بالقوائم الأربع الأخيرة بشكل دائم 2002 النهائي أمام البرازيل و2006 و2010 نصف النهائي ونهائي أوروبا 2008 و2012 والآن 2014 بطلاً أول من واقع عمل وتخطيط وإعداد، إضافة لعامل الاستقرار الفني التدريبي والعناصري. فالمدرب “يواخيم لوف” تسلّم الفريق في 2006 واستمر معه حتى 2010 وجددت الثقة فيه في 2014 بعد أن كان مساعداً للمدرب السابق كلينسمان، الذي استدعاه لتطبيق أفكاره وأخذ مشورته الفنية. وصيف العالم كـ”تصنيف بالفيفا” بعد “الماتادور الإسباني” ورث عنه عرش الكرة العالمية بجدارة واستحقاق ونجاح وإبهار، كما ورث عنه فنوناً أخرى “كالتيكي تاكا” واللعب الجماعي المعتمد على الاستحواذ على الكرة والتمريرات القصيرة والضغط المتواصل، حقيقة وعن مشاهدة لفرق المونديال نجد أن الفرق الأوروبية التي وصلت وأقنعت ونجحت هي من طبقت هذه الطريقة، أهمها ألمانيا وهولندا بلعبهما الشامل والعكس الفرق اللاتينية المعتمدة على ميزة النجم الواحد والمهارات والحلول الفردية للاعب! رأينا كيف تألق الأوروبيون وكيف خذلت الطرق التقليدية القديمة منتخبات النجم الأوحد متابعيها وعلى رأسها البرازيل بعد إصابة “نيمار”، والبرتغال بعد خيبة أمل “رونالدو”، وأخيراً الأرجنتين بعد تراجع مستويات “ميسي” حتى وهو يتسلم جائزة أفضل لاعب وهو لا يستحقها وسط اندهاش الجميع وأولهم هو نفسه؟! مع أن هناك أكثر من لاعب كان يستحقها كـ”توني كروس” لاعب وسط ألمانيا و”روبن” الهولندي و”رودريجز” لاعب كولمبيا... ولكن. ألمانيا ساعدها عطفاً لما سبق تطبيقها بدقة متناهية للعب الجماعي وهو الذي يضع الخصم بمتاهة كبيرة تجعله تائهاً بالملعب لتفرض سيطرتها عليه، وهي نفسها التي يطبقها ناديها الكبير البافاري البايرن ميونيخ! توجت ألمانيا لأنها الأفضل ولا عزاء للبقية وأولها البرازيل الفريق الذي صدم العالم بمستوياته ونتائجه وأولهم رئيسة البلاد “ديلما روسيف” وهي التي بذلت جهوداً جبارة ومضنية وواجهت تحديات وصعوبات لتستضيف الحدث وتنجح بذلك وهي التي أعطى لبلادها “بلاتر” العلامة شبه الكاملة 9.95 من عشرة وهو نجاح باهر لا شك! لكن المنتخب مرض مرضاً مفاجئاً يحتاج من خلاله إلى الدخول في حالة إسعافية للعناية الفنية الفائقة المركزة وهو الذي تنتظره استحقاقات عدة كـ”كوبا أمريكا” وبطولة “ريو دي جانيرو” وكأس العالم بروسيا 2018. اللقب لألمانيا والعزاء للبقية ونحن يجب ألا نكتفي بالمشاهدة ككل مرة، فالدروس التي خرجنا بها من هذا المونديال تحديداً كثيرة ومهمة للفرق وللاعبين وللاتحادات مفترض أن (نتعلم) ليس عيباً أن نصل متأخرين لكن العيب كل العيب ألا نصل ونواصل الغياب بحجج واهية.