خلال الأسبوع الماضي، تصادف وقوع وفاتين لمواطنين في فترة متقاربة، كلتا الوفاتين كانتا تنسبان إلى الإهمال والتقصير في تقديم الرعاية الطبية لكل منهما. الحالة الأولى هي وفاة مواطن كان يشكو من اضطراب في الغدد الصماء أدى إلى زيادة وزنه بدرجة كبيرة تشكل خطرا على حياته، وكان قد تمكن من الحصول على أمر من خادم الحرمين الشريفين موجه لوزارة الصحة بتمكينه من العلاج في أحد المراكز الأمريكية المتخصصة في معالجة اضطرابات الغدد الصماء، وظل ينتظر على مدى عام كامل تنفيذ الأمر القاضي ببعثه للعلاج في أمريكا، إلا أنه لم ينفذ، ومضت حالته تزداد سوءا إلى أن توفي ــ رحمه الله ــ في أحد المستشفيات المحلية، فعد الناس وفاته أمرا ناجما عن الإهمال في المبادرة بإرساله للعلاج. الحالة الثانية هي لمراهق (يتيم) في الثامنة عشرة من عمره مريض بالسكر، ولأنه يتيم لا عائل له فقد نشأ في رعاية دار خيرية للأيتام، وحين أصابته غيبوبة سكر مفاجئة لم يكن حوله أحد ينجده فقضي عليه، وظل ــ رحمه الله ــ ميتا في غرفته بضعة أيام لا يحس بموته أحد ولا يفتقده أحد!! الحالة الأولى، وفاة المواطن مريض الغدد الصماء أثارت غضب الناس وسخطهم على وزارة الصحة، فكثرت الكتابات والانتقادات للوزارة، وطالب البعض الوزير بالاستقالة؛ لأن وزارته أهملت تمكين المتوفى من العلاج خارج المملكة رغم توجيهات الملك الصريحة بذلك. أما الحالة الثانية، وفاة المراهق اليتيم بغيبوبة سكر، فإنها مرت بصمت وهدوء لم يتأثر بها أحد ولم تدمع لها عين، فكان أن نجت وزارة الشؤون من اللوم والتقريع على تقصيرها في رعاية الأيتام، وسلم وزير الشؤون الاجتماعية من أن يطالبه أحد بالاستقالة؛ لأن يتيما من رعايا وزارته مات مريضا بالسكر قبل أن يمده أحد بدواء أو ينجده برعاية طبية. حالتان متماثلتان، الموت بيد الإهمال والتقصير في تقديم الرعاية الطبية، لكن إحداهما أثارت رعب الناس وسخطهم، والأخرى مرت بسلام لم يشعر بها أحد! لِم يحدث ذلك؟ وما الفرق؟ ما الذي يجعل الناس يغضبون لموت الأول، ويصمتون أمام موت الثاني؟ هل الناس يتفاعلون بحدة وانفعال مع ما يرونه قريبا منهم مهددا لسلامتهم، ويفترون أمام ما هو بعيد عنهم لا يرون منه خطرا عليهم؟ مريض الغدد يرى الناس في حالته نموذجا قد يصيب أي أحد منهم، أما اليتيم مريض السكر فإنه يمثل (فئة) صغيرة من الناس لا يرى الكثيرون أنفسهم داخلها! يزعم الناس أنهم يتحركون بدوافع إنسانية، لكن واقع سلوكهم يدل على أنهم يتحركون بدوافع ذاتية محركها الخوف أن يجري عليهم ما جرى على غيرهم. فاكس 4555382-11 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة