انتقلت الحرب بين أنصار «حملة الكرامة» التي أطلقها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في بنغازي ضد خصومه الثوار الإسلاميين، إلى العاصمة الليبية طرابلس حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين «قوة حفظ أمن واستقرار ليبيا» المشكلة حديثاً من ثوار مدن عدة أهمها مصراتة (وسط) من جهة، ولوائي «القعقاع» و»الصواعق» المتحالفين مع حفتر وعمادهما ثوار الزنتان (غرب)، من جهة أخرى. وأسفرت المواجهات التي تخللها تراشق بقذائف الهاون والصواريخ، عن سقوط 7 قتلى و25 جريحاً على الأقل بحلول ظهر أمس. وتركزت المعارك الأعنف في محيط مطار طرابلس، ما أدى إلى إغلاقه وتحويل كل الرحلات من ليبيا إلى مطار مصراتة، في ظل إغلاق مطار بنغازي الذي تعرض للقصف. وتمكن مقاتلون من مصراتة بقيادة العضو السابق في البرلمان صلاح بادي من السيطرة على مقار أساسية لمقاتلي الزنتان من بينها معسكر «7 أبريل» سابقاً، فيما أشارت تقارير غير مؤكدة إلى حوادث خطف متبادلة بين الجانبين. وأعلنت «غرفة عمليات الثوار» أنهم دخلوا المطار الذي شوهد دخان كثيف ينبعث من ساحة خارج صالته الرئيسية، لكن أي مصدر مستقل لم يؤكد هذا الإعلان، نظراً إلى صعوبة الوصول إلى المنطقة. كما ارتفعت أعمدة دخان في مناطق عدة داخل طرابلس شهدت اشتباكات، خصوصاً في محيط «جمعية الدعوة الإسلامية» حيث كانت تتمركز عناصر من «القعقاع» و»الصواعق». ونشر مقاتلو الزنتان قناصة على طريق المطار بعد تعرضهم لإطلاق نار كثيف من القوات المهاجمة. وأصدر المكتب الإعلامي لعملية «فجر ليبيا» بياناً طالب فيه المنتسبين لألوية «القعقاع» و»الصواعق» و»المدني»، إلى مغادرة طرابلس إلى حين تشكيل وحدات عسكرية جديدة لحفظ الأمن، وهدد البيان بمحاكمتهم باعتبارهم عناصر «ميليشيات إرهابية» تسعى إلى إحباط ثورة «17 فبراير» 2011 على نظام العقيد معمر القذافي. وقالت مصادر مطلعة إن عملية «فجر ليبيا» شاركت فيها قوات من 12 منطقة، من بينها الزاوية ومصراتة وسوق الجمعة وجنزور. وبدت الحكومة الليبية الموقتة برئاسة عبدالله الثني عاجزة عن الإمساك بزمام المبادرة، واكتفت بشجب الاشتباكات التي جرت في مطار طرابلس والطريق المؤدية إليه. ودعا الناطق باسمها أحمد الأمين الطيب في مؤتمر صحافي، طرفي القتال إلى الابتعاد عن الاحتكام للسلاح وحل الخلافات بالحوار، مشيراً إلى «جهود مبذولة» لفض الاشتباكات. ودارت مواجهات في مناطق عدة وسط طرابلس، فيما عمد مقاتلو الزنتان إلى استقدام تعزيزات من منطقتهم، لمواجهة أعداد كبيرة من الثوار. لكن تقارير أفادت أن ثواراً في منطقة غريان (جنوب العاصمة) تصدوا للتعزيزات الآتية من الزنتان. وجاءت الاشتباكات قبل ساعات من انعقاد «مؤتمر دول الجوار الليبي» في تونس لمناقشة خريطة طريق لإنهاء الأزمة في ليبيا. ودعت وزيرة الخارجية الإيطالية فيديريكا موغيريني التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي إلى «تحرك سياسي دولي فوري لتشجيع ودعم إعادة السلام إلى ليبيا وإعادة إعمارها، فيما ناشد الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط هيو روبرتسون «كل الأطراف وقف العنف فوراً وبدء حوار بناء». وأبدت الولايات المتحدة خشيتها من أن يصبح «النزاع معمماً» في ليبياً. وقالت الناطقة باسم الخارجية الاميركية جين بساكي إن «الولايات المتحدة قلقة جداً للعنف في ليبيا وللمواقف الخطرة التي قد تفضي إلى دخول البلاد في حال نزاع». وأضافت: «نؤكد دعمنا للعملية الديموقراطية في ليبيا وندعو إلى تشكيل مجلس النواب الجديد في أقرب وقت ممكن».