صاحب مسلسل "صاحب السعادة" للنجم عادل إمام، الذي يعد العمل الدرامي الرمضاني الثالث له بعد مسلسلي (فرقة ناجي عطا الله) و(العراف)، جدل نقدي كبير كون عادل إمام في حد ذاته حالة خاصة وظاهرة فنية فريدة لن تتكرر، فحينما قرر، أيقونة الضحك العربية، دخول المجال التلفزيوني بعد فترة غياب أكثر من 20 عاماً عن الدراما بعد آخر أعماله مسلسل "أحلام الفتي الطائر" حتى وجد الدعم من المنتجين والفنانين طمعاً في التعاون مع اسم وقامة فنية كبيرة مثله، فكانت البداية بتجربة درامية العام قبل الماضي نالت رضا واستحسان جمهوره، على الرغم من بعض الهفوات التي حدثت في التصعيد الدرامي للحلقات. يرى النقاد أن إمام همش شخصيات العمل على حساب البطل. واستمر النجاح حليف الفنان عادل إمام العام الماضي أيضاً في مسلسل العراف ولكن هذا العام "صاحب السعادة" لم يحصل على قدر كافٍ من الثناء يؤهله لأن يكون من أوائل الأعمال الدرامية الرمضانية، كما هي عادة إمام، لكن مع كل الأحوال يبقى اسمه هو المحرك الأساسي لبوصلة المشاهدة، فكل من تابع العمل أجزم أن الأداء الفني للزعيم رخيم وقوي ولكنّ المحيطين به لم يستطيعوا الانصهار معه في القالب الدرامي للعمل، هذا المسلسل الذي يعد استكمالاً للمثلث الفني المعهود كل عام وأضلاعه المؤلف يوسف معاطي والمخرج رامي إمام ورأسه الفنان عادل إمام باتوا في مرحلة خطيرة من التكرار والمط الدرامي ثم دخلوا في منحي خطر من الرتابة والعقم، فالقصة الدرامية جميلة وشيقة ولكنها محدودة وبعيدة إلي حد ما عن ملامسة الواقع وما يحدث به، من هنا أُثيرت حفيظة المشاهد وبدأ الانتقاد، فالحوارات والبذخ والأبهة المبالغ فيها والتي تقتصر على فئة معينة يتم مخاطبتها من خلال هذا العمل لا تتماشى مع الواقع والأزمات الاقتصادية التي ألمت بالكثير من الشعوب العربية، فكان الأولى أن تُعبر قصة العمل بشكل أساسي عن الواقع المرير، لكن يبقى اسم الزعيم على الرغم من الانتقادات التي وجهت لعمله لا لشخصه فناناً له قيمة وتاريخ فني طويل حافل بالنجاحات ولكن هل سيشفع له جمهوره اعتماده بشكل دائم على طريقة إخراج ابنه رامي إمام؟ أم سيأتي يوم قريب ويطالبونه بالتنوع والبعد عن المحسوبية الشخصية في أعماله الفنية حتى لا يكون ذلك على حساب تاريخه الفني المعروف، بالفعل بدأ عدد من النقاد الفنيين بلفت نظره لذلك والمطالبات هنا لم تأت بسبب ضعف المخرج ولكن لأسلوبه النمطي الواحد الذي يستخدمه فقد بات مكرراً في مدرسة أبيه، فهناك الكثير من الصور الفنية التي تحدث مع "صاحب السعادة" تشبه بدرجة كبيرة الأعمال السابقة لهما معاً وعلى سبيل المثال مسلسل العراف والسبب الرؤية الإخراجية لا أكثر ولا أقل، لا بد فقط من إدخال روح إخراجية جديدة للعمل الفني حتى نجد التغير، الذي سوف يتجسد في صورة مشاهد وحوارات أكثر إثارة وتفاعلاً، هذا عن الطريقة المستخدمة والمعتادة في الإخراج فماذا عن الفنانين الذي استعان بهم عادل إمام هذا العام في مسلسله وهم مجموعة من الفنانين الشباب، إضافة لعدد من الأسماء المعروفة فنياً وهذا ما مثل صدمة للجمهور، الذي لاحظ أن عادل إمام أراد أن يحصل على نصيب الأسد في الكثير من المشاهد، التي لا تخلو منه، هذا حق لا يُنكر عليه اهتمامه بدوره وتقديم أفضل ما لديه من خبرة على مدى مشوار فني طويل تجاوز الخمسين عاماً ولكن مَن بجانبه من الفنانين الشباب جاءوا بأدوار ثانوية باهتة لا تذكر فلم يستعن إمام بأسماء لها وجود فني وثقل على الساحة باستثناء الفنانة لبلبة حتى يعطي ثراء أكثر لعمل فني طال ترقبه، فالكثير من الشخصيات ومع تنوعها تجد أن مكانها الدرامي ليس له معنى، بل بالإمكان الاستغناء عنها مثل دور الفنان لطفي لبيب، الذي يقوم بشخصية الجار للفنان عادل إمام في المسكن ولا يحتمل إزعاجه هو وأحفاده يطل علينا من حلقة لأخرى فقط بعبارة أو جملة كوميدية، فهذا الفنان المصري المعروف بأدواره المتميزة كان لا بد من الاعتماد عليه في قالب آخر يأتي بالنفع على العمل لا أن يطل علينا في دور كهذا بعد النضوج الفني، الذي وصل إليه ناهيك عن دور الفنان خالد ذكي وتقمصه شخصية الوزير بشيء من "الفانتازيا" فلم نشهد أبداً دوراً لوزير بهذه الطريقة الهزلية ولم نُطالب أيضاً بجدية نمطية ولكن كُنا نفضل الاعتدال في هذا الدور لا أن يحول المخرج الدور من واقعي لكوميدي ثم يُطالب المشاهد بالتقبل هذا ليس واقعاً، فالعمل برمته يحمل فكراً وقصة واسماً كبيراً في عالم الفن ولكنه أخفق في اختيار الفنانين وتوزيع الأدوار، إضافة لخلوه من البساطة والبعد عن الواقعية إلى حد ما.