تحول مسار الأزمة السورية خلال الأشهر الماضية للأسف الشديد، تجاه قضايا أخرى غير مسارها تماما بسبب ألاعيب النظام الأسدي البربري ومكره وخداعه واستخدامه لعملائه في مسرح العمليات العسكرية لتحويل الأنظار عن جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق الشعب السوري المناضل من أجل حريته وكرامته وخلطه للأوراق من خلال نقل الأزمة السورية إلى الساحة العراقية بدعم عملائه في بغداد وتحديدا ميليشيات نظام المالكي. من جهته، لم يتمكن الائتلاف السوري وهي المعارضة الرئيسية للنظام الأسدي التي راهن عليها الشعب السوري لإنقاذه من الكابوس الأسدي الجاثم على صدروهم، من تحقيق هذه الأهداف الجوهرية بسبب الفجوة الموجودة بين القيادات العسكرية في الجيش الحر وحالة عدم التوافق مع الحكومة المؤقتة السورية وحالة عدم التوافق بين أعضائه والتي استفاد منها النظام السوري. والآن وبعد انتهاء أزمة اختيار رئيس جديد للائتلاف، بانتخاب هادي البحرة خلفا للجربا الذي انتهت ولايته، وبعد زوبعة التحالفات داخل الائتلاف، تدخل الأزمة السورية من جديد في مرحلة مختلفة سواء في بعدها النضالي الداخلي أو الإقليمي والدولي، من أجل إعادة مسار الثورة السورية التي انطلقت قبل ثلاث سنوات، بعد أن عاش المجتمع الدولي مرحلة التخاذل والتقاعس والسبات القاتل للشعب السوري، في الوقت الذي ترك فيه نظام الأسد يسرح ويمرح في الملعب السوري مستخدما في كل يوم براميل الموت المتفجرة بدعم من ميليشيات حزب الله وباسيج طهران التي عاثت في الأرض السورية فسادا. وليس هناك شك أن انتخاب هادي البحرة رئيسا جديدا للائتلاف خلفا للجربا بعد مخاض عسير، يشكل مرحلة جديدة من عمل الائتلاف السياسي والعسكري، فالمهمات جسام والتركة ثقيلة بين معارضة متصارعة ونظام قاتل همجي يقسو كل يوم أكثر وأكثر، وبين تنظيمات إرهابية تتكاثر يوما بعد يوم مستغلة الثورة السورية حتى ضاعت في غياهب الجب، بسبب اختلاط الأوراق في الساحة السورية وتغيير النظام السوري لمجريات الأحداث الداخلية لمصلحته ونقل الأزمة إلى العراق عبر عملائه. وسط كل هذه المعطيات، لا بد من استراتيجية جديدة للائتلاف يخرج فيها إلى العالم الخارجي بخطاب جديد، قائمة على العقلانية والحق في الطرح، ولعل الخواء الذي عاشته الأزمة السورية يفرض الآن أكثر من قبل ضرورة التحرك وإعادة المسار المسلوب، وهذا يتطلب وحدة الصف السوري المعارض. وآن الأوان أن يدرك الشعب السوري والمعارضة خصوصا، أن قوتهم في وحدتهم حول قيادة منتخبة تؤمن بضرورة التخلص من نظام القتل والدم، وهذا يندرج على الداخل والخارج، بحيث تتلاحم أجنحة المعارضة السياسية والعسكرية ضد نظام الإجرام، وإذا ما توصلت المعارضة إلى هذه المرحلة، فلن يكون النصر ببعيد ما دامت إرادة السوريين تجمع على أمر واحد. إنها مرحلة المراجعة للماضي ومحاولة إصلاح الأخطاء، ولعل الرئيس الجديد للائتلاف يتمكن من هذه المهمة، من أجل سوريا ذات الحرية والكرامة.