×
محافظة مكة المكرمة

أمانة جدة تغلق 49 منشأة في الشرفية وبني مالك وترصد 140 مخالفة

صورة الخبر

بدأت تركيا منذ أكثر من عقد من الزمن، سياسة جديدة تجاه المنطقة العربية، بقيادة حزب العدالة والتنمية -ذي التوجه الإسلامي المعتدل. الذي عمل، بقيادة رشيدة من رجال أفذاذ، في مقدمتهم: رجب طيب أردوغان، عبدالله غل، أحمد داود أوغلو، باجان إلخ» على تنمية البلاد داخلياً، وخاصة في المجال الاقتصادي، ثم اتخذ سياسات خارجية متميزة. تميل لبيئة تركيا الشرقية، وكونها همزة الوصل الكبرى بين الشرق والغرب، خاصة بعد تكرار رفض الأوروبيين انضمام تركيا إلى «الاتحاد الأوروبي». لقد عمل تلامذة نجم الدين أربكان على إقامة نموذج حديث لدولة غالبية سكانها من المسلمين. وما زالوا يطورون هذا النموذج، ربما ليقدم نفسه كمثال يمكن أن يحتذى بسبب موازنته ومواءمته بين ثوابت الدين، ومعطيات العصر. فحزب العدالة والتنمية يحاول دائما الموازنة والملاءمة بين توجهه الأيديولوجي، وتوجه الدستور التركي الذي يفصل بين الدين والدولة. وهو ينجح أحيانا في ذلك، ويفشل في أحيان أخرى. ولكن استمراريته، واستمرارية أمثاله من الأحزاب والتيارات المشابهة، تعتمد على مدى نجاحه في تحقيق هذه المعادلة الصعبة. بدأت تركيا تحاول توثيق علاقاتها مع جوارها العربي، ومع جيرانها الفرس، وغيرهم. كما حاولت أن تدير ظهرها للغرب. فبدأت تستنكر الاعتداءات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، وتشجب عربدة إسرائيل في المنطقة. الأمر الذي أدى إلى فتور علاقاتها بالكيان الصهيوني، وتنامي شعبيتها في العالم العربي. فالمشاهد أن هناك -بصفة عامة ترحيبا عربيا وإسلاميا حارا بالتوجه السياسي التركي الجديد. •• إن المفيد، ولا شك، كسب تركيا للجانب العربي والإسلامي. ولكن، تلك هي الصورة العامة الحالية لتركيا في أذهان العامة. أما الواقع الفعلي فهو أعقد بكثير من هذه الصورة الجميلة بالنسبة للعرب والمسلمين. فإن كان المطلوب أن تكون تركيا نموذجا للدولة الإسلامية العصرية، وأن تدخل فيما يشبه التحالف مع جيرانها العرب، فإن الطريق لتحقيق ذلك ما زال طويلا، ومحفوفا بالعقبات الكثيرة الكأداء. ما زال أمام تركيا عمل كثير من المتطلبات «شبه المستحيلة بالنسبة لها الآن» التي تبرر اعتبارها نموذجا مقبولا للفصل الرسمي بين الدين والدولة، مع التأكيد على الثوابت الإسلامية في سلوك النظام وغالبية الشعب التركي. أما اعتبار تركيا حليفا تلقائيا للعرب، فإنه يستلزم فك ارتباطها القوي بالغرب المتنفذ وبسياساته المعروفة، والانسحاب من حلف «ناتو» بالضرورة. صحيح، أن العرب ليسوا في موقع قوة يمكنهم من وضع اشتراطات لعلاقات عربية -تركية جديدة ومثمرة، ولكن غالبية الشعوب العربية ما زالت تعتبر تركيا جزءا من التحالف الغربي، ما لم يحصل العكس. تركيا ما زالت عضوا فاعلا في الحلف العسكري، الذي يعتبر الإسلام عدوه الرئيس؟! وعلاقات تركيا بالكيان الصهيوني ما زالت قوية، رغم كل ما حدث من خلافات، وما جرى للسفينة «مرمرة» التركية على يد القوات الإسرائيلية. هذان أبرز عاملين يقفان حجر عثرة في سبيل علاقات تحالفية عربية -تركية متميزة. والأهم من ذلك أن تحاول تركيا أن توجد أسلوبا أفضل للتوفيق بين الإسلام المعتدل، والدستور العلماني التركي، وليس فقط بين حزب العدالة والتنمية وذلك الدستور. إن الواقع الحالي لتركيا -وللعرب أيضا- لا يتيح كثيرا إقامة علاقات أوثق مع العالم العربي، ناهيك عن القبول بتركيا كزعيم متوج للعالم الإسلامي.