طلب مصرف كريدي سويس، ثاني أكبر المصارف السويسرية، من محكمة في الولايات المتحدة تأجيل دفع غرامة مالية فرضتها وزارة العدل الأمريكية بعد إدانته بتحريض أثرياء أمريكيين على التهرب من دفع الضرائب. وشرح المصرف أن نشاطاته الربحية في إدارة الأصول يمكن أن تتأثر إلى حد كبير إذا دخل الاتفاق الموقع مع السلطات الأمريكية حيز النفاذ في التاريخ المقرر في 12 آب (أغسطس) المقبل. وتحديدا، طلب المصرف من محكمة في ولاية فيرجينيا تمديد هذا الموعد على الأقل إلى 1 تشرين الثاني (نوفمبر) لإعطائه الوقت لترتيب أوضاعه مع الهيئات السويسرية التي تشرف على معاشات المتعاقدين والبطالة. ويعتبر كريدي سويس، من أكبر المصارف السويسرية في إدارة أصول عدة صناديق للضمان الاجتماعي (صناديق التقاعد، البطالة، العوق، المرض وغيرها) التي تبلغ أصولها عدة عشرات مليارات الدولارات. وفي أواخر أيار (مايو) الماضي، تلقى "كريدي سويس" غرامة مالية بقيمة 2.3 مليار فرنك (2.6 مليار دولار)، وأقر بأنه مذنب لتحريض الأثرياء الأمريكيين على التهرب من دفع الضرائب. وإذا كان المصرف قد وفر على نفسه الملاحقات الجنائية أمام المحاكم الأمريكية بدفعه تلك الغرامة الباهظة، فإن إقراره رسميا بالذنب، يلزمه، وفقا للقانون الأمريكي، بموافقته على عدد من اللوائح والأنظمة كي يتمكن من مواصلة نشاطاته داخل الأراضي الأمريكية. وأوقف عدد من عملاء المصرف الكبار، مثل صناديق المعاشات التقاعدية التي تقوم بإدارة المعاشات التقاعدية لموظفي الخدمة المدنية، علاقاتهم التجارية مع كريدي سويس "لأسباب أخلاقية" بعد اعتراف المصرف أنه انتهك القانون الأمريكي. ولتجنب هذا الكابوس، يأمل كريدي سويس الحصول على إقرار من هيئة الرقابة المالية الأمريكية يسمح له بالاحتفاظ بالتسمية التي يتمتع بها حاليا: "مؤهل مهنيا لإدارة الأصول"، وهي صفة تتيح له الاستمرار في الاضطلاع بهذا النشاط في الولايات المتحدة. وقد أبلغت هيئة الرقابة المالية الأمريكية المصرف حاجتها لمزيد من الوقت، على الأقل حتى 1 تشرين الثاني (نوفمبر) لإبلاغه بقرارها. وقال المصرف في طلبه للسلطات الأمريكية "إن الإجراءات التي يتابعها مع الهيئات السويسرية مكثفة جدا، وهناك أشياء كثيرة لا يزال يتعين استعراضها قبل إجراء مراجعة نهائية لجداول دفع الغرامات". مع ذلك لا يزال بإمكان المصرف الحصول على إعفاء مؤقت من هيئة الرقابة المالية الأمريكية حتى صدور القرار النهائي. وبعد بضعة أيام من الاتفاق مع الولايات المتحدة، أشار المدير العام للمصرف، برادي دوجان، إلى أن العقوبات الأمريكية لم تترك أثرا كبيرا في الأعمال التجارية للمصرف، وقال "لدينا أمل كبير أنه سيكون هناك القليل جدا من التأثير في أعمالنا". وفي تطور آخر ذي صلة، أعلن كريدي سويس اليوم عن بيعه جزءا من أنشطته المصرفية الخاصة في إيطاليا، وتحديدا في مصرف "بانكا جنرالي"، وهو فرع من شركة التأمين الإيطالية الشهيرة التي تحمل الاسم نفسه. وبموجب الاتفاق، سيقتني مصرف بانكا جنرالي محفظة أصول تتولى إدارة أكثر من ملياري يورو، طبقا لما جاء في بيان مشترك بين المؤسستين اليوم. ويقع مبلغ العملية التجارية بين 47 و 50 مليون يورو (بين 64 و 68 مليون دولار). ويعتزم المصرف الإيطالي تمويل الاقتناء أساسا من خلال قرض، والباقي يتم دفعه نقدا. وأشار البيان إلى أنه ينبغي الانتهاء من هذه العملية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لكن ما زال يتعين على الصفقة أن تتلقى موافقة من المصرف المركزي الإيطالي. ويعتزم كريدي سويس مواصلة نشاطه كمصرف خاص في إيطاليا بتركيز أنشطته على شريحة "الأفراد الأثرياء جدا" التي سجلت أصولا تحت إدارة المصرف تجاوزت المليار يورو (1.36 مليار دولار) خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، طبقا لما ذكره جيورجيو ريكوجي، مدير وحدة الخدمات المصرفية الخاصة في مصرف كريدي سويس المعنية بالسوق الإيطالية، والذي استشهد البيان بتصريحه هذا.