تحولت الحرب الكلامية بين الحكومة الإتحادية العراقية وإقليم كردستان إلى إجراءات عقابية اتخذها الطرفان، ما يهدد بعدم انعقاد البرلمان الأحد المقبل، ويطيل عمر الأزمة السياسية والأمنية التي تهدد وحدة البلاد. (للمزيد). وفيما علق الوزراء الأكراد مشاركتهم في جلسات مجلس الوزراء، مهددين بمقاضاة الشركات التي تشتري النفط من بغداد، أصدرت الحكومة قراراً أمس بمنع طائرات الشحن الدولية من الهبوط في أربيل. وكان المالكي اتهم إقليم كردستان بإيواء ومساعدة الإرهابيين، وربط بين حصول الأكراد على مناصب، خصوصاً رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية و»اثباتهم الرغبة في الشراكة»، معترضاً بذلك على احتضان أربيل شخصيات سنية تدعم «التمرد المسلح» على حكومته. ورد الإقليم أمس بطرق مختلفة على اتهامات المالكي وإجراءاته فأعلنت رئاسته، في بيان، أنه «مصاب بالهستريا، وأصبح خطراً على العملية السياسية ووحدة العراق». وأضاف أنه «يحاول بكل ما أمكنه تبرير أخطائه وفشله وإلقاء المسؤولية على الآخرين. وهنا لا بد لنا من أن نذكر انه لشرف كبير للشعب الكردستاني أن تكون أربيل ملاذ كل المظلومين بمن فيهم هو بالذات عندما هرب من الديكتاتورية، وهي ملاذ جميع الذين يهربون الآن من ديكتاتوريته». وعقد الوزراء الأكراد مؤتمراً صحافياً أعلنوا خلاله أن تعليق عملهم جاء «رغبة منهم في عدم المشاركة في الاخطاء التي ترتكبها الحكومة». ولم يعرف، حتى مساء أمس، إذا كان الإقليم سيوسع دائرة رد فعله بمقاطعة جلسة البرلمان المقررة الاحد المقبل. وعلى رغم ان مصادر كردية رفيعة المستوى أكدت لـ»الحياة» ان «الإقليم ما زال متمسكاً بالمشاركة الفاعلة في تشكيل حكومة تسعى الى انقاذ وحدة البلاد»، فإن الأنباء عن التوافقات السياسية في بغداد ما زالت خاضعة للشد والجذب بين الاطراف، ويقف تمسك المالكي بترشيح نفسه لولاية ثالثة، على رغم اعتراض السنة والاكراد وتياري مقتدى الصدر وعمار الحكيم، عائقاً أمام تشكيل حكومة جديدة تمثل مكونات الشعب العراقي، وهو المطلب الذي تتمسك به الاطراف الداخلية والخارجية. وكان الناطق باسم البيت الابيض جوشوا بيكر أكد رغبة واشنطن بـ «حكومة وحدة وطنية تواجه تهديد المسلحين وتمثل كلَ الطوائف وأطياف الشعب العراقي بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية». وجدد رفض واشنطن مطالبة الأكراد بالإنفصال فقال إن «الولايات المتحدة تؤمن بوحدة العراق وتدعو إلى تشكيل حكومة مركزية قوية تُمثل جميع العراقيين». وكانت طهران وجهت بدورها تحذيرات صريحة إلى إقليم كردستان من المضي في تهديده بالإنفصال، فيما تواجه هذه الخطوة عراقيل داخلية ما زالت تتطلب المزيد من الوقت لحسمها فعلى رغم إعلان القوى الكردية مجتمعة موقفاً موحداً من العلاقة مع بغداد، وتخويل بارزاني إدارة الازمة فإن المعطيات على الارض تؤكد عمق الخلافات بينه وبين حزب الرئيس جلال طالباني. وقد أطلق القيادي البارز في الحزب الأخير عادل مراد، خلال الاسابيع الماضية، مواقف متناقضة من خطاب بارزاني ودعوته إلى الإستفتاء على تقرير المصير، وقال في تصريحات نقلها الإعلام الكردي ان «البيشمركة» التابعة للسليمانية تواجه هجمات من «داعش» لا تواجهها قوات «البيشمركة» التابعة لأربيل. ومعلوم ان لطهران نفوذاً على معقل حزب طالباني في السليمانية، في مقابل نفوذ لتركيا في معاقل حزب بارزاني. ومع احتفاظ كل من الحزبين بقواته وإداراته فإن ادارة الصراع لتقرير مستقبل الإقليم، وقضية كركوك التي يفرض حزب طالباني سيطرته الادارية والأمنية عليها منذ سنوات، تبدو غير واضحة في خطاب الجانبين.