نستحضر هذه الأيام معنى الانتصار، فكثير من الملاحم والحركات العسكرية التي كتب الله فيها النصر والعزة والتمكين للمسلمين كانت في شهر رمضان. فغزوة بدر الكبرى التي تعتبر فاصلة بين الحق والباطل بين الشر والخير كانت في ليلة السابع عشر من رمضان،وفتح مكة حيث عاد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إليها فاتحين بعد أن أُخرجَوا منها، ومعركة عين جالوت التي انتصر فيها المسلمين على التتار، وفتح القسطنطينية التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لتفتحُنَّ القسطنطينية، ولنِعْمَ الأميرُ أميرُها، ولنِعْمَ الجيشُ ذلك الجيش) فكان الفتح في شهر الخير شهر رمضان، وغيرها من الفتوحات التي شهدها الشهر الفضيل. غير أن هناك جانب آخر للانتصار لا يقل أهمية وهو انتصار الإنسان على نفسه؛ فنجد ففي تغلب الصائم على شهواته، وإخراجه الصدقات ومد يد العون للمحتاجين والفقراء، وابتعاده عن آفات اللسان وحرصه على تهذيب ألفاظه، وانتصاره على الرياء فالصيام عبادة تولد في النفس مراقبة الله وتحذر الصائم بأن لا يجعل الله أهون الناظرين إليه، فإمساكه عن الطعام والشراب هو تجرد لله تعالى وهو عين الإخلاص. وكل هذا من صور الانتصار. وقد يُقال ما بالنا اليوم! أين انتصارات رمضان! فالمسلمين مضطهدين في كثير من البقاع فما زال إخواننا في فلسطين يعانون أنواع الاضطهاد من المحتل اللعين، والشام ما زالت تنزف، وآخر جراحنا العراق وما يحصل فيها والله وحده المعين. لذا لننتصر على أنفسنا حتى يتحقق لنا النصر على أعدائنا، نت أجل هذا كان من أهم ما يدفع به المسلمون عن أنفسهم تسلط الأعداء الاستغفار والرجوع إلى الله عز وجل. فنسأل الله عز وجل أن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يذل الشرك والمشركين، وأن يعلي بفضله كلمة الحق والدين.