سؤال يتردد دائماً: هل الأصل أن تمارس الجهات الحكومية (وغير الحكومية) أعمالها ومهامها دون رقابة عليها؟ أم أن يكون الرقيب عليها متوثباً متيقظاً طوال الوقت؟ هل يسري في عالمنا اليوم مبدأ (القطة والفأر) أم أن في الأمر سعة؟ هل الأصل الثقة المتوازنة؟ أم الثقة المفقودة؟ في نظري تظل هذه الإجابات معلقة بالبيئة الحاضنة وبالأعراف السائدة، وبالانطباع العام. لقد مرت أزمان اتسمت بالجدية في العمل، وبالصرامة في الإنجاز، وبالمسارعة إلى أداء الواجب بغير كسل ولا منة ولا تهاون. وثمة أزمان طغى عليها حب المال حباً جماً تظلله الشراهة في حدودها القصوى حتى كأنها قطيع بعير فرت من قسورة، لكن ليس خوفاً على حياتها، وإنما طمعاً في جمع المزيد وملء الأرصدة تفاخراً وتكاثراً وإغفالاً كاملاً لحياتها الباقية على حساب الفانية، فضلاً عن حقوق دنيوية أخرى مثل حق الوطن والأرض والمجتمع. ويحضرني هنا مثال ذكرته هذه الصحيفة الغراء (28 مايو) مفاده أن هيئة الرقابة تشتكي من أن معظم الجهات الحكومية (العاملة في موسم الحج) ترفض الإفصاح عن عقودها المؤقتة بالصورة التي تسمح لهيئة الرقابة متابعة العقود للتأكد من استيفاء شروطها وتحقق بنودها واكتمال تنفيذها. وعدّد الخبر أسماء 22 جهة منها وزارات وهيئات ورئاسات. ليس الهدف الخوض في التفاصيل، وإنما هو مثال واحد من أمثلة كثيرة تتحفنا بها الجهات الرقابية المتعددة والتي تشير بأصابعها في اتجاهات متعددة كأنها ظباء خراش، فلا تدري أيها تصيب!! منذ سنوات، والمواطن يشكو من ضعف الرقابة لأن الخدمة التي يتلقاها ليست بالشكل الذي ينبغي بالرغم من ارتفاع الرواتب نسبياً وكثرة الموظفين عددياً وتحسن البيئة الحاضنة من مبانٍ وتجهيزات وتقنيات. ربما هي الثقة المفقودة مرة أخرى بين المواطن الموظف والمواطن المراجع، فالأول يتصيد نواقص الثاني ليرده خائباً، في حين يحاول الثاني الاستعانة بصديق لإقناعه أن الوثائق مكتملة والأمور منضبطة. يُعرف عن اليابانيين بغضهم للبدعة الغربية المتمثلة في إنشاء إدارات لمراقبة وضبط الجودة لأن الياباني يؤمن بأنه شخصياً إدارة متنقلة لمراقبة وضبط الجودة أينما حل وحيثما عمل. أين نحن من هؤلاء!! salem_sahab@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain