لبنان، حلم ينفتح على آفاق الجمال والأناقة والكرم، كمغارة علاء الدين. لبنان واقع نابض بالحياة والتجديد، ولا يمكن أن يكون حلماً يراود مناماتنا، بل واقعاً نعشقه ونتشوق حتى لأكلاته وسهراته، لذلك تظل زيارة لبنان هي الحلم المستقر في وعي أبناء الخليج والسعوديين بشكل خاص، كلما جاء ذكرها ارتعشت الشفاه، وتلونت القسمات بالفرح، والتمعت العيون ورنت آهة الشوق للبنان، بعد أن باعد بيننا وبينها العمليات الارهابية التي استمرت تحصد الأرواح بلا رحمة، ولأننا خارج المشهد لا نعرف ما هو الواقع الجديد في لبنان حتى تلقينا دعوة سعادة القنصل العام للبنان السيد زياد عطاالله عن طريق عقيلته الجميلة خُلقا وخَلقا السيدة زينة،لزيارة لبنان لمدة أربعة أيام زيارة سياحية لمعايشة الوضع على حقيقته، بعد أن أثبتت العمليات الارهابية التي حدثت هناك أنها عمليات محدودة . تقبلنا الفكرة بسعادة لأن لبنان ومصر هما الوجهة السياحية الأجمل للسعوديين، وبعد ماحدث في مصر ولبنان بحث السائح السعودي عن بدائل لهما ولكن كلما أمعن في البحث عن البديل تأكد أنه لا بديل يغني تماما عن مصر أو لبنان، لذلك عندما بدا لهم ثمة استقرار في مصر هرعوا اليها فوراً حتى قبل حفل تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالرغم من العمليات التفجيرية التي تحدث في مصر كل يوم. فالتفجيرات الارهابية تحدث في أي مكان من العالم؛ لأن الارهاب لا يتورع عن كشف وجهه القبيح في أي مكان وزمان، لكنه ينحسر ويرتد الى ذاته عندما يحاصر بالردع الأمني وتلاحم المواطنين على مختلف فئاتهم وطوائفهم ومذاهبهم. هذا هو الذي نتمناه للبنان بعد التوافق على رئيس الوزراء تمام صائب سلام، واجماع القوى السياسية المختلفة على اختياره رئيسا للوزراء وحصوله على 124 صوتا من 128 من البرلمان اللبناني، وهو بدوره دعا القوى السياسية المختلفة الى الالتفاف حول الجيش والقوى الأمنية لصالح مشروع الدولة اللبنانية. قال لنا في لقائنا معه في مكتبه في قصر السراي الكبير، إن الحكومة شكلت من مختلف القوى السياسية، وإنه لم يعد ثمة خوف من حرب أهلية أو تفجير للوضع لأن الوضع السياسي مستقر وأن انتخاب رئيس للدولة اللبنانية مسألة وقت، وأن العمليات الارهابية محدودة وأصبح لدى الجهات الأمنية وسائل التعقب والكشف الحديثة التي نجحت في محاصرة العمليات الارهابية الأخيرة وتحويلها عن أهدافها التي تقودها الى الأماكن المكتظة كالمساجد والأسواق لتكون الخسائر كبيرة. ربما طمأننا حديث دولته، لكننا حقا لم نشعر بأي قلق خلال تجوالنا في المطاعم والأسواق، في الحمرا، ومنطقة فردان، جبيل، برمانا، والروشة، زيتوني بي، ومسرح كراكلا، وسوق بيروت. أربعة أيام قضيناها في ربوع لبنان مزدحمة بالزيارات واللقاءات، لأن البرنامج كان محكما وتنفيذه بالدقيقة، مما سهل لنا، أولا: التمتع بالمناطق السياحية والأثرية مثل جبيل والتسوق فيها والعشاء في مطعم الميناء على البحر بصحبة السيدة زينة حرم القنصل اللبناني صاحب هذه الفكرة والمشرف على كل تفاصيلها. ثانياً: وفرت لنا التعرف على المجتمع اللبناني بكافة تشكلاته وطوائفه من خلال حفلات العشاء والغداء وحفل الشاي في السراي الكبير الذي كان مسك الختام ليوم مشحون باللقاءات الرسمية وأقامته السيدة لمى سلام حرم دولة رئيس الوزراء تمام سلام. السيدة بهية الحريري لم تكتف باستقبالنا في المطار صباح يوم الجمعة، بل أعدت حفل عشاء على شرفنا يوم الأحد في بيت الوسط ضم نخبة السيدات اللبنانيات وزوجات الوزراء والسلك الدبلوماسي وعدداً من الكاتبات والاعلاميات وكان من حظي أن أجلس على مائدة العشاء بين الاعلامية الجميلة د/ مي شدياق،وحرم وزير السياحة السيدة فريدة ميشيل فرعون، دار الحديث حول المرأة السعودية وما وصلت اليه في عهد خادم الحرمين الشريفين، وعن العلاقات اللبنانية السعودية والروابط الوثيقة التي تربط بين الشعبين. الغداء يوم الأحد أيضاً في مطعم برج الحمام في منطقة برمانا بدعوة من شركة سوليديرممثلة في السيدة الرقيقة ميشيلين أبي سمرا التي استقبلتنا بكل ترحاب، ودعت عددا من سيدات المجتمع اللبنانيات تكريما للسعوديات. يوم الاثنين احتشد بزيارات رسمية بدأت بزيارة لمعالي السفير علي عسيرى في سفارة المملكة العربية السعودية، ثم وزارة السياحة ولقاء معالي الوزير ميشيل فرعون، ثم زيارة الوكالة الوطنية للاعلام ولقاء مديرة الوكالة السيدة لورا سليمان صعب التي التقينا بها بعد ذلك في حفل الشاي الذي أقامته لنا حرم دولة رئيس الوزراء تمام سلام السيدة لمى سلام. بعد ذلك كان لقاؤنا مع معالي وزير الداخلية نهاد المشنوق، شرح لنا الوضع أمنياً في لبنان وأكد على أن الارهاب تتم متابعته ومحاصرته واشار الى أن التفجيرات الأخيرة يوم وصولنا الجمعة 20 يونيو، تأثيرها كان محدودا لأنهم استطاعوا محاصرة الارهابيين وإبعادهم عن الأماكن المستهدفة. في الحقيقة لم نشعر يومها بحادثة التفجير الا من اتصالات الأهل في جدة للاطمئنان علينا، عندما استيقظت يومها من النوم استعدادا للذهاب لمنطقة جبيل فوجئت بكمية الاتصالات من جدة في الحقيقة أفزعني شكل اللون الأحمر في هاتفي وخفت أن أفاجأ بخبر سيئ ولم أكن أعلم شيئا عن حادثة التفجير حتى أعادوا اتصالهم بي للاطمئنان علي. الأحاسيس والمشاعر التي عدنا بها، لا تستوعبها مقالة، كما عجزت هذه المقالة عن استيعاب كل شئ يتصارع في عقلي لحظة الكتابة، إذن الى الأسبوع القادم بإذن الله. nabilamahjoob@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (27) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain