أصبحت ظاهرة تصوير المأكولات والسفر الرمضانية ظاهرة بارزة طورت شكل السفرة الرمضانية في المجتمع السعودي، حيث إن حب الاستعراض والتباهي والغيرة النسائية، تُدخلهن في سباق تجميلي للسفرة، حيث غيرت كثير من السيدات تصرفاتهن الاستهلاكية، بسبب التقاط الصور وبثها عن طريق أنستجرام، ووسائل التواصل الاجتماعي. يقول المواطن فهد العسيري: إن الأزواج والأسرة هم المستفيدون من هذه الظاهرة التي انتشرت بين السيدات، وصارت مضماراً للتنافس والتسابق في إعداد الأصناف المتنوعة من المأكولات، وتجهيز السفرة بشكل أنيق لدرجة تصل إلى حد التكلف رغبة في التظاهر والتنافس في الاستعراض، لدرجة تحولت إلى حد الهوس بأخذ لقطات للسفر وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعية. وذكرت أمينة العمري أن السيدات حرصن في بداية شهر رمضان على شراء أوان جديدة للطهي والتقديم ذات تكلفة عالية، كما اتجه بعضهن لشراء الفوانيس وأواني التقديم والمبتكرة وأضفن أعباء مالية على أسرهن بسبب الرغبة في الاستعراض. وأشارت نورة العسيري إلى أن عدداً من السيدات ركبن هذه الموجة حيث بلغت تكاليف توفير أوان جديدة ومميزة بأشكال مبتكرة للتقديم لأسعار تتراوح من 1500 إلى 2000 ريال وذلك بسبب الغيرة النسائية وهوس المباهاة الذي يتنشر بين النساء ومحاولة الاستعراض بوضع وشكل السفر الرمضانية. وذكرت سيدة الأعمال فاطمة الفلقي أن كثيراً من السيدات يرغبن في التجديد ولذلك يتجهن مطلع رمضان إلى شراء الأواني والسفر ذات الطابع الرمضاني والفوانيس وذلك لتبادل المنافع بينهن بطريقة عرض السفرة الرمضانية والتنافس لإظهار أجمل سفرة. وبينت أن هذه الغيرة محمودة لأنها تساهم في اهتمام المرأة بتنويع الأغذية الرمضانية، بينما يجب الاهتمام بعدم تحويل الأمر إلى تباهٍ واستعراض وزيادة مصاريف اقتصادية أو محاولة التقليد الأعمى، بهدف المظاهر الكاذبة. من جهته، بيّن استشاري الطب النفسي بمجمع النخيل بجدة الدكتور علي زائري، أن المظاهر طغت في العصر الحديث، لدرجة أن عديدا من الأسر عامة والنساء خاصة لا يتورعن عن فرض تكاليف كبيرة على أسرهن بسبب الغيرة وهوس التظاهر والاستعراض. وأبان بأن هذه التصرفات قد تخدم الأسرة من ناحية تقديم وجبات مميزة بشكل أنيق، ولكن المشكلة في تطورها المرضي، في محاولة المجاراة والتقليد بهدف المنافسة والمشكلة التي تضاف إلى ذلك هي مشكلة عدم الحفاظ على خصوصية الإنسان والانشغال بتصوير أدق تفاصيل الحياة وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما ألغى خصوصية الحياة، والتي يجب أن يتم الحفاظ على خصوصيتها، وعدم تبادل تفاصيل الحياة، واستنساخ حياة الآخرين وتقليدها بهدف التباهي ما يؤدي إلى تفشي هذه الظاهرة التي تقع سلبياتها بشكل نهائي على الأسرة. من جهته بين الخبير الاقتصادي فضل البوعنين أن هذا السلوك يتعارض مع السلوك الإسلامي الذي يدعو إلى إطعام الجار إذا شم رائحة الطعام وقال إن هناك تباهياً كبيراً بين الناس في عرض ما يأكلون قد يؤدي إلى أحقاد في المجتمع فهناك من لا يجد قوت يومه، ما يؤثر سلباً على متلقي هذه الصور خاصة الفقراء. وقال إن أنستجرام يختص بمختلف شرائح المجتمع، ما قد يؤدي إلى مشكلة أسرية لأسباب مرتبطة بهذه الصور فلا داعي لنقل أمور حياته الشخصية ويكشف أدق أمور حياته إضافة إلى الخسائر الاقتصادية بسبب التباهي في زيارة المطاعم الفاخرة وأن تضطر الأسرة لشراء متطلبات معينة من أجل الصورة وضيوف أنستجرام وهو تبذير لا يرضاه الله لأنه يؤثر على ميزانية الأسرة. وأضاف أنه سوء استخدام لهذه التقنية وهو أمر سلبي، مؤكداً على دور الإعلام في التوجيه لمثل هذه الظواهر. وأوضحت الأخصائية الاجتماعية بمستشفى السعودي الألماني بعسير صباح زهار أن الأسرة بحاجة إلى اهتمام المرأة بالأم وعنايتها بالأصناف الغذائية التي تقدمها للأسرة كما إنها بحاجة أيضا إلى النظرة الاقتصادية والتخطيط من قبل الزوجين، ولكن مشكلة المظاهر والتنافس والغيرة أدت إلى ظهور أنماط سلوكية جديدة في المجتمع تدعو إلى المزيد من المظاهر والتباهي والخسائر الاقتصادية، وإلى القروض التي يمكن أن تنتهي عند وجود التخطيط السليم للحياة وللمصروفات. وأردفت: وكذلك إلى وجود الوعي الكافي بعدم الانسياق وراء هذه المظاهر التي قد تجر إلى مشاكل أسرية وخسائر اقتصادية وقالت إننا نعول على المرأة المعروفة بقدرتها على إدارة دفة الأسرة وتقنين المصروفات والمحافظة على حاله الاتزان داخل الأسرة ولكن ذلك لا يمكن أن يحدث في ظل اتباع سياسة القطيع والانسياق بدون تفكير خلف هذه المظاهر لما لها من آثار سلبية على الأسرة ويجب أن يكون الهدف الأساسي هو تقديم وجبه صحية متوازنة والحفاظ على أسرار الحياة الأسرية وألا تكون مجالاً للتداول والتباهي والاستعراض.