×
محافظة مكة المكرمة

أمين جدة يفتتح مهرجان «نفحات رمضانية» بمدينة الطيبات

صورة الخبر

كتب عنها الرجل وجعل منها قضية المجتمع الأولى، ثم جعل منها سبباً دائماً للخلاف والتراشق بين النخب السوية أو حتى شبه السوية.. بعد هذا كله قال لها: اكتبي، فقامت بطبيعة الحال بلعب دور المحامي الأول والوحيد عن حقوق المرأة في كتاباتها وأدبها، تدافع عن الصغيرة والكبيرة عن الصواب والخطأ حتى أنها نسيت بقية حيوات الكتابة والتأليف، وبات همها الوحيد "كيف نُسكت ذا الشوارب" بأي أسلوب وبأي طريقة! مقتدية بسابقاتها في المجال نفسه. يلاحظ على أغلب الكاتبات "السعوديات تحديداً" محدودية القضايا التي تتناولها كتبهن وكتاباتهن في إطار المرأة الضيق ما بين العاشقة والمتهجمة فقط، والذي جعل من حروفهن غير مجدية ولا تثري ثقافة الفرد إن تغاضينا عن الرقي بالمجتمع بأكمله! بداية وحول مسألة التقليد في الكتابة النسوية في المملكة ترى الكاتبة سارة مطر أن الأمر يعتمد على الكاتبة نفسها إذا ما كانت تريد أن تكون مختلفة ومتميزة أو أنها تضع نفسها في ذات القالب والمسيرة لسابقاتها ولربما يأتي سبب التقليد من أن التجارب إلى حد ما تتشابه، وأكدت أن الصورة التي تريد المرأة أن تكون عليها لا يمكن لرجل أن يصورها ولا يمكن أن يتحدث كاتب عن مشاعر المرأة الخاصة مهما بلغت ذروة موهبته، كما لا يمكن أن يكون كصوت المرأة الكاتبة، إذ إن المرأة تعبر عن مشاعر القارئة التي لا تفهمها، كما تجيد التعبير بشكل ساحر عما يجول في داخل فكر المرأة ولو كانت عباراتها دون ملامح فنية، وهذا يترجم ما يحدث من انتشار الصغيرات في العمر في ساحات المكتبات، فالمرأة وحدها تعرف مشاعرهن جيداً وتعرف عمّ يفتشن وما الذي يبحثن عنه، وتجد سارة إنجازاً كبيراً في قوة قلم الأدب النسوي بعيداً عن مضمون الكتاب أو الفكرة أو الأسلوب فيكفي أنها امرأة وتكتب لامرأة على حد تعبيرها، ولهذا السبب تُعوّل على تعدد إصدارات المرأة في معرض الرياض الدولي للكتاب رغم أن معظمهن ناشئات لا تتجاوز إصداراتهن الكتاب اليتيم، ومع ذلك فإنها تجعل المرأة مهووسة بالحصول على أي كتاب شريطة أن يكون لكاتبة، ولم تخفِ أنها ولهذا السبب مفتونة بليلى العثمان وإليف شافاق وأحلام مستغانمي وسحر خليفة وحنان الشيخ، مؤكدة من خلال الرواية البوليسية "اغتيال صحفية" للكاتبة فاطمة آل عمرو أن الكاتبة السعودية موهوبة جداً لكن ربما ينقصهن التسويق لإصدارتهن وعدم الاعتماد على دور النشر، إذ إنه وكما ترى سارة أن أي كاتبة تبدو مختلفة للغاية لأنها تكتب بعصارة قلبها، فتكشف الكاتبة الناشئة بذلك البدايات الأولى الأمر الذي يستحق المباهاة والتقدير. أما أكثر عائق ربما تواجهه الكاتبة السعودية من وجهة نظرها، هو في عدم وجود مكان يتلقف موهبتها ويوجهها بالطريقة الصحيحة في كيفية إصدارها لكتابها، وهذا - على حد وصفها- أمر محزن للغاية، وأكثر سؤال واجهته هو: كيف نكتب رواية؟ وكيف نتواصل مع دور النشر؟ فالكثير من الكاتبات لديهن أفكار جميلة ويردن مشاركتها مع الآخرين، لكنهن يجهلن الطريقة الصحيحة في كيفية طباعة كتبهم، أو وجود من يقوم بالإشراف والتوجيه، ولذلك فالحاجة ماسة لدور نشر تهتم باحتواء مثل هذا المواهب وتقديمها، ففي المجتمعات الأجنبية من قال: إن كل الكتب صالحة للقراءة؟! كما أن أجمل ما في تلك المجتمعات أن الكل يمكنه أن يصدر كتاباً، إما متحدثاً عن تجربته الشخصية، أو متحدثاً عن الموهبة التي يمتلكها والمصاعب التي واجهها، ويحاول أن يفيد غيره من خلال تجربته. وليس من الضروري أن يمتلك صاحب الكتاب لغة فنية عالية، حيث تتكفل الدار بتنقيح الكتاب وتقديمه بصورة جيدة جداً للقارئ المتلهف على مثل هذه النوعية من الكتب. كما أكدت أننا بحاجة إلى كتب مختلفة ومتنوعة في شتى المجالات، فلقد تشبع المجتمع من القصص والروايات، فعلى سبيل المثال من يرغب في الحصول على كتاب لطباخ شهير يتحدث عن بداياته مع الطبخ، من دون أن يضع وصفات ويبيع كتابه بمئة وخمسين ريالا! من جانب آخر تشير الأستاذة سارة العمري إلى توحد التوجه الفكري لدى الكاتبات السعوديات ويعود السبب للتعليم في تشكّل هذا التوجه الفكري الذي لم يتجاوز حدود الحقوق النسوية، بالإضافة إلى أن معظم الكاتبات يسير على مبدأ "عكس الواقع" أو الحديث عن "هنا والآن" وهذا التيار قديم ويعرف بما يسمى " Realism" وهي حركة أدبية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالصحافة مفادها أن الكاتب يُعنى بمناقشة قضايا واقعية، والكاتبة السعودية لن تخرج من هذا التيار إلا بتغيير فكرة أن المرأة السعودية كل ما تواجهه في حياتها هو المجتمع، وتؤكد على أن معظم الكاتبات السعوديات يناقشن قضايا أغلبها اجتماعية لأنهن يعكسن واقع أن المرأة السعودية لطالما حاصرتها تلك المسألة، وكأن القضية تحولت إلى قضية شخصية نوعاً ما، فالكاتبات يناقشن ذات القضايا رغم تكرارها دون طرح حلول ذكية ولم يلحظوا أن كثيراً من الأمور تغيرت، وحقيقة الأمر من وجهة نظرها أن الكاتبة السعودية ظهرت وكأنها سفيرة وطنية كتاباتها لم تتجاوز حدود الحقوق النسويّة الأمر الذي يهدد مستقبل الكتابة النسوية إضافة إلى التقليد والتكرار الذي بات مزعجاً أن تجد كتابات مستنسخه تحمل ذات الأفكار وذات المبادئ وكأننا خُلقنا بعقول محدودة التفكّر، وتضيف سارة أمراً آخر تجده رتيباً عند الكاتبات المبتدئات وهو الخجل، وتضيف أنه كلما كانت الكتابة خجولة كانت القراءة مملة وغير مرغوبة، فطرح الأمور بكل شفافية ووضوح وجُرأة هو ما يفضل قراءته كل فرد خُلق في القرن الحادي والعشرين. فيما تجد الياسمين عبدالله فرص الكاتبة الناشئة بمشاركتها في الملتقيات والمسابقات الأدبية ونشر كتاباتها في الوسائل الإعلامية وعلى شبكة الانترنت، فمن تجربة شخصية لها حيث أكملت شطر قصيدتها من القبول الذي لاقته من القراء بعد نشرها عدة مقالات في الصحف والانترنت، الذي جعل منها تنتقل لمرحلة فنية تصور فيها تجاربها الشخصية في ميدان لا ينتهي، كما أنها لم تفكر إطلاقاً في تقليد كاتبة معينة وإنما حرصت على أن تكون لها سمة خاصة وشخصية مختلفة وهذا يحتاج فقط للولوج في الكتابة وقياس الأثر الناتج من القراء الذين هم خلف نجاح كل الكتّاب والكاتبات حيث يجعلون منه يداً راسخة على الورق من خلال ثقب قلمه، الثقب الوحيد الذي لا عيب فيه، الأمر الذي يدفعه إلى تتويج جهوده في ميلاد أول إصدار له.