طالب برلمانيون بضرورة إصدار تشريعات تمنع رجال الدين من إقحام المنبر الديني في العمل السياسي، مشيدين بقرار العاهل المغربي بمنع رجال الدين من السياسة. وأكّد البرلمانيون على أن منع رجال الدين من العمل السياسي سيكون في صالح الدين بالدرجة الأولى الذي طاله التشويه من ممارسات «الإسلام السياسي»، كما سيكون في صالح السياسة التي أفسدها الإسلاميون بإقحام الفتاوى في الخلافات السياسية بحسب مانشرته الأيام البحرينية . وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة «نشيد بقرار ملك المغرب الذي فصل فيه الدين عن السياسة، وهو قرار حكيم ويصب في مصلحة السياسة والدين، وبهذا القرار يحتفظ الدين بمكانته بالابتعاد عن السياسة وألاعيبها». مضيفاً «في السياسة كذب ونفاق وأن تقول ما لا تعني، ممّا يقلّل من مكانة رجل الدين في المجتمع، وكذلك بالنسبة للسياسة، فإنك حين تمنع رجال الدين من العمل في السياسة، فإنك تمنعهم من استغلال الدين في السياسة وتحويل الدين أو المذهب إلى أداة لتحقيق طموحات سياسية، وبذلك فإن فصل الدين عن السياسة، يحمي السياسة أيضاً». وقال الشيخ خالد «أما من ينادي بأنه لا يمكن فصل الدين عن السياسة، فإن ذلك يمثّل عقلية العصور الأوربية المظلمة، حيث استخدم الدين كأداة للسيطرة السياسية والديكتاتورية وتجهيل عقول الناس، وإذا ما فصلنا الدين عن السياسة فلن يكون هناك أي تأثير على الدين ومكانته في المجتمع، بل بالعكس سيكون لرجل الدين احتراماً كبيراً يليق بمكانته ودوره ومسؤوليته المتمثلة في الكلمة الصادقة التي يهدي بها الناس». وأبدى رئيس «خارجية الشورى» أسفه لتزايد ظاهرة استخدام الدين كأداة سياسية في المجتمعات العربية وخاصّة ما يجري في سوريا والعراق، فكل طرف من الأطراف ينادي بـ «الله أكبر»، ويسخّر القرآن وآياته الكريمة ليبرّر قتل أخيه العربي المسلم. وأضاف «أما بالنسبة لنا في البحرين، فإننا شهدنا سوء استخدام المنابر الدينية واستغلالها للوصول لغايات وأهداف وأطماع شخصية، ورأينا كيف يستغل رجل الدين مقامه لتحقيق مكاسب سياسية دون رعاية للأطفال والشباب، فنجده يشجع على العنف والقتل وينادي بمناداة همجية لا تتفق مع الدين الإسلامي وسماحة خلق رجل الدين والتعايش السلمي المتبادل بين كل الأطياف والمذاهب والأديان، ووجدنا من رجال الدين من يدعون لقتل رجال الأمن باستخدام مصطلحات نابية وشديدة مثل مصطلح اسحقوهم». وختم بالقول «لذلك يجب أن نبعد رجل الدين عن السياسة ليكون له مقامه واحترامه وتقديره وأن لا يلطّخ بالسياسة وما يأتي عنها، ويجب علينا أن نشرّع تشريعات بذات المعنى والمغزى وأن نمنع عبر القانون استغلال الدين في السياسة وأن نجرّم استغلال المنابر الدينية في السياسة والتحريض السياسي أو أي توجيهات سياسية مغلّفة بحصانة الدين». من جانبه، قال النائب الدكتور جمال صالح أن المجتمعات العربية يجب أن تحدّد «هل تريد تطبيق الديمقراطية بكاملها، وأن تحقّق مفهوم المجتمع المدني الصحيح؟!، أو أنها تريد أن تأخذ بعض القشور من الديمقراطية وتترك للاتجاهات الدينية والفئوية والعرقية التحكّم في مسار العملية السياسية، لينتج لنا في نهاية المطاف جنيه مشوّه من الديمقراطية». وأضاف «الدولة المدنية تحتضن كل الأطياف والأجناس والأديان والتوجهات، ولا تسمح لطرف أن يستقوي بالدين على آخر، ولذلك من الضروري جداً ألاّ يُسمح للجمعيات الدينية بالعمل السياسي، إلاّ إذا كانت تريد أن تدخل العملية للتطوير والتنمية السياسية، فعندها فيجب أن تتخلّى عن استخدام الدين والفتاوى الدينية كغطاء لها في السياسة، ويجب أن تتمسّك بمشروع وطني واضح وأجندات سياسية وتنموية وتطويرية للواقع بعيداً عن الاستقواء بالمنبر الديني». وقال صالح «بالنسبة للتشريعات فإننا في البحرين نملك عدداً لا بأس به من القوانين والقرارات التي تمنع رجال الدين أو الجمعيات السياسية من الاستقواء بالدين والمنبر الديني أو إقحامه في العمل السياسي والانتخابي، وشهدنا في انتخابات 2010 تطبيق القانون على بعض المنابر المخالفة، ولكننا بحاجة لمزيد من التطبيق». مضيفاً «نعم.. فأنا أعتقد أن المشكلة ليست في عدم وجود القوانين بقدر ما هي متصلة بقيام الأجهزة والجهات المعنية في الحكومة وعلى رأسها وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بتطبيق القانون على الجميع ودون استثناء». من جانبه اعتبر عضو لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب سلمان الشيخ أن قرار العاهل المغربي قرار حكيم وصائب. وقال «نعم يجب منع رجل الدين من الاشتغال في السياسة، لأن وظيفة رجل الدين تتمثل في توجيه النصح والإرشاد وحث الناس على الالتزام بتعاليم الدين الحنيف، بالإضافة إلى تعليم الناس أحكام دينهم الفقهية والشرعية والعقائدية، وتلك هي الوظيفة الأساسية لرجال الدين». مضيفاً «أما دخول رجل الدين في المعترك السياسي، بحيث يستغل منصبه الديني لإسباغ الصبغة الدينية المقدّسة على آرائه السياسية، فإن ذلك مرفوض حتماً». وتابع «نعم، هنا المشكلة الحقيقية التي نعاني منها، وذلك حين يأتي رجل الدين ويستغل موقعه الديني بهدف توجيه الناس لرأي سياسي معيّن وتصوير الأمر وكأنه حكم شرعي منزل من السماء، وهذا في الواقع استغلال سيء جداً للدين، ويجب أن نعمل على محاربته». وقال «البداية تتمثل في منع رجال الدين من العمل السياسي، وهذا القرار الذي نطمح أن يصدر، يجب أن يطبق على الجميع بدون استثناء». وتابع «بلا شك ستخرج أصوات تتباكى على الدين من القرار، وهي في الواقع تتباكى على خسارته الشخصية وليس على خسارة الدين، لأن الدين لن يخسر شيء، بل سيكون في صالح الدين، حيث أن إقحام المنبر الديني في السياسة، هو الضرر الأكبر على الدين».