القرار الذي اتخذته وزارة التعليم العالي والمتمثل في إعلانها أنها سوف تمتنع عن اعتماد أي شهادة يحصل عليها طلاب الدراسات العليا من أي جامعة عربية من الغرابة بحيث يرغمنا على معاودة الكتابة فيه لعلنا نظفر بإجابة شافية تفسر لنا اتخاذ هذا القرار الذي يبدو في ظاهره قرارا تعسفيا لا يكفي في تفسيره ما ذكره المتحدث باسم الوزارة من أن التخصصات الموجودة في الجامعات العربية، كل الجامعات العربية، موجودة في جامعاتنا، ذلك أننا لو تقبلنا هذا السبب على ضعفه وعدم الاقتناع به لكان من المتوجب أن يأخذ قرار وزارة التعليم العالي صيغة أخرى تتمثل في رفض الوزارة اعتماد أي شهادة في تخصص يوجد مثله في جامعات المملكة سواء كانت هذه الشهادة صادرة من جامعة عربية أو من إحدى جامعات جزر الواقواق، وعندها سوف تبرأ وزارة التعليم العالي من أن تكون متهمة بالنظر إلى جامعات الدول العربية نظرة دونية تجعل من قرارها متوجها لها دون سواها. وإذا كانت وزارة التعليم العالي تطمح إلى أن تمثل الدراسات العيا في الجامعات العالمية خارج الدائرة العربية أفقا أوسع للانفتاح على العالم فإن بإمكانها أن تحقق ذلك من خلال برنامج الابتعاث من جهة ومن خلال إلزام الجامعات بابتعاث معيديها ومحاضريها لغير الجامعات العربية دون أن تتخذ من عدم اعتماد الشهادات الصادرة من جامعات الدول العربية وسيلة لفرض حضر شامل يحول بين من يدرسون على حسابهم وبين الجامعات العربية، وإذا كنا بحاجة إلى الانفتاح على الأفق العالمي فنحن بحاجة للانفتاح على الأفق العربي كذلك. وإذا كانت وزارة التعليم العالي قد لاحظت تساهل بعض الجامعات العربية في منح شهادات عليا توشك أن تكون شهادات وهمية فليس لها أن تعمم ما لاحظته على جميع الجامعات العربية، ولها أن تضيق نطاق ما تعتمده من الشهادات وتخضع الاعتماد للجان فاحصة وتسحب اعتمادها من الجامعات التي يثبت تساهلها وتفريطها دون أن تصدر قرارا من المؤكد أنه سوف يضعها في حرج مع جامعات عربية لا تزال تتعاقد مع أساتذتها وتقرر على طلابها ما ألفه أساتذة تلك الجامعات من كتب وما أقرته من مناهج.