ليس البغدادي «زعيم ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية» مَن يحاول إزالة حدود الدول في الشرق الأوسط، ورسم حدود جديدة كما تروّج بعض الأوساط السياسية والإعلامية الغربية والإقليمية، فالبغدادي لا يملك القدرة ولا القوة على ذلك، وكل ما يملكه بضعة آلاف من المقاتلين الخارجين عن القانون والفارين من سجون بغداد ودمشق. المالكي والأسد هما مَن تركا هذا التنظيم يعبث بالبشر والحجر، ويعمل قتلا وتنكيلا بالسكان الذين تُركوا نهب عصابات خارجة عن القانون، تدّعي أنها تحمل عقيدة وتريد تطبيق شرع الله، فيما تخلى جيشا النظامين عن حماية المدن والمناطق والنقاط العسكرية والأسلحة الثقيلة عمداً لعناصر البغدادي. هناك دول إقليمية تدعم وتقدم التسهيلات وتوصل الإمدادات اللوجستية والعسكرية والمقاتلين من جميع أنحاء العالم، لهذا التنظيم، في محاولة لتقويته كي يفرض إرادته على المدن في كل من سوريا والعراق، وتحقيق هدفه في نسف الحدود وتدمير الدول التي أصر زعماؤها على خيار واحد، وهو مواجهة شعوبهم «إما الاستمرار أو الخراب». إعلان دولة البغدادي على مناطق واسعة من سوريا والعراق رغم أن مقاتليه لا يمكنهم حماية هذه المناطق، كان لا يمكن أن يتم ويتحقق لولا الحصار الذي يفرضه المجتمع الدولي على الثوار في سوريا ومنع السلاح عنهم، ولولا التواطؤ الأمريكي مع حاكم بغداد، ليستمر في السلطة طوال السنوات الماضية، متخليا عن مدن وحدود العراق طوعا وتسليمها لمقاتلي البغدادي. ويبدو أن المجتمع الدولي لا يعتبر إعلان «دولة خلافة» البغدادي يشكل خطرا عليه، خاصة أنه دعا المسلمين (الجهاديين) من جميع أنحاء العالم إلى الاستيطان في دولته المنشودة علنا، وهذا ربما ينسجم مع طروحات بعض الأوساط السياسية الغربية باستنزاف التنظيمات الجهادية المتشددة في سوريا والعراق، دون أدنى اعتبار لممارسات نظامي البلدين، وما يلحق بالشعوب من آثار خطيرة على مستقبلها. دولة البغدادي بأعلامها السوداء وأقنعة مقاتليها يبدو أنها لا تحمل سوى الخراب والدمار للشعوب تحت شعارات زائفة عن الجهاد والقتال.