هذه الكلمات أروي فيها بعض المواقف التي حصلت لي مع معالي د.عبدالعزيز الخويطر -رحمه الله- تكشف عن جوانب من سجاياه. * لقد شرفت بمعرفة د.عبدالعزيز الخويطر عن طريق الأديب الأستاذ حمد القاضي، وقد التقيت معاليه أول مرة في المجلة العربية وذلك إبان زيارة له، وكان ينظر في بعض الصور، ويضع بعضها في حجره، ودخلت للسلام عليه فقام وهو يحمل الصور في حجره للسلام عليَّ، فاستغربت فعل معاليه واسترجعت ما يحدث لدينا في بلادنا من استحالة لقاء المسؤول حتى لو كان وكيلاَ لوزارة إلا بواسطة قوية، فأي تواضع هذا؟ أن يقوم للسلام وهو يحمل الصور في حجره. بعد ذلك رشحني الأستاذ حمد القاضي لمعاليه لتنظيم مكتبة معاليه المنزلية وذهبت إليه فاستقبلني على الباب، ورأيت المكتبة بعد أن ضيفني، بعد ذلك تمشينا في حديقة المنزل وهو يسألني عن أصل العائلة لغرابة الاسم، فأجبته أن أصلها تركي، فتبسم وقال: (هل أنتم ممن غزوتم الجزيرة العربية) فقلت: لا أدري، هذا زمن لم أعاصره، ولم يحك لي عنه، فأوصلني إلى الباب واتفقت على البدء في الغد، وفعلاً ذهبت لمنزله وقمت بالتنظيم وجلست هناك من الثامنة صباحاً حتى الخامسة عصراً، وساعدني مزارع يعمل لديه في حمل الكتب من على الرفوف، وفي صباح اليوم التالي أخبرني المزارع أن معاليه انزعج جداً ووبخه على عدم إحضار غداء لي، وقال له: كيف يجلس كل هذه الفترة دون أن تقدم له الأكل أليس في قلبك رحمة؟ فتساءلت في نفسي: أي إنسان هذا؟. التقيت معاليه في مناسبة اجتماعية، وكان الشيب قد غزا لحيتي وأصبح التقاط الأسود منها يسير، فلما سلمت على معاليه قال: (ما شاء الله.. شباب على طول، لقد بتَّ أصغر من ذي قبل)، فتبسمت لمعاليه على كلماته الرقيقة وأدبه الجم. * اتصل بي معاليه وطلب مني تنظيم مكتبة أخرى لديه، وهي مكتبة تكاد تكون متخصصة حيث لا تحوي إلا كتباً مختارة في التاريخ وكتباً مختارة في الأدب، ووضع الجميع على الكمبيوتر ببرنامج سهل البحث، وبالفعل قمت بعمل ذلك وذهبت ومعي جهاز الكمبيوتر فاستقبلني كعادته على الباب وأطلعته على العمل، فأعجب بالبرنامج ودقته وأثنى عليه، وأردت ترك الجهاز لمعاليه فرفض رفضاً قاطعاً، وقدم لي مظروفاً مغلقاً به قيمة هذا العمل، فرفضته وقلت لمعاليه إن هذا بقية العمل الذي أنجزته من قبل وقد حاسبتني عليه وأجزلت لي العطاء من قبل، وبعد إلحاح مني بالرفض قال بلهجة حاسمة: إن لم تأخذ هذا المظروف مني فلن آخذ هذا البرنامج ولا العمل الذي أنجزته وحسم الموقف بذلك. ولم تنقطع علاقتي بمعاليه منذ ذلك اليوم رحمه الله رحمة واسعة.