لندن: جميلة حلفيشي تغيرت الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وتغيرت معها نظرة المرأة إلى كل ما يمس حياتها. فهي اليوم أكثر ثقة واستقلالية وتفهم أكثر من أي وقت مضى ما تريده وتطمح إليه وتعمل جاهدة لتحقيقه، وإن تطلب الأمر فرض رأيها على السوق، فيما يتعلق بالموضة. وقراءة سريعة لأحوال السوق وتغيراتها، تشير إلى أن نظرتها إلى فستان الزفاف تغيرت وغيرت كيف يتعامل معه المصممون. بشهادات الكثير من العرائس والمصممين على حد سواء، فإن الصورة المرسومة في خيالها تختلف عن تلك التي كانت تحلم بها والدتها أو جدتها. نعم لا تزال تتخيل تصميمه وتلك الصورة الرومانسية التي ستخلفها وهي تتخايل فيه عند دخولها مرحلة جديدة من حياتها، كما تعرف جيدا أنه يستحق أشهرا من البحث والتحضير ناهيك عن ميزانية لا يستهان بها، ولا يجب البخل فيها، بحكم أن بين كل طية من طياته أو طبقة من طبقاته يكمن وهج المناسبة وأهميتها، لكنها في الوقت ذاته تريد الابتعاد عن أي تعقيدات قد تأخذ شكل كشاكش أو تنورة منفوخة تحتاج إلى باب عرضه أكثر من ثلاثة أمتار حتى تتمكن من دخوله، أو ذيل طويل يتطلب مساعدة وصيفات لكي تسحبه وراءها. في المقابل، تفضل تصميما عصريا وهادئا يعكس أسلوبها وشخصيتها، ويجعلها تستمتع بالمناسبة على أكمل وجه. المشكلة الأساسية التي قد تواجهها هي رفض والدتها لهذه النظرة. فجيل الأمهات والجدات لا يزال يؤمن بأن فستان الزفاف يعني الفخامة بكل تفاصيلها، حتى وإن مالت إلى الاستعراض. أما تبريرهن، فهو التميز وعدم وقوع العروس في مطب المنافسة مع أي ضيفة تتألق في فستان سهرة فخم. وغني عن القول: إنه جيل لم يستوعب بعد أن التصميم البسيط قد يجسد الأناقة والرقي أكثر من تصميم مبالغ فيه أحيانا. المصممة فيرا وانغ، التي اختارت كل من تشيلسي كلينتون وكيم كارداشيان وقبلهما فيكتوريا بيكام في عام 1999 فساتين زفافهن من تصميمها، تقول: إنها تفهم كل الآراء والأذواق. وتضيف بأن خبرتها الطويلة في مجال الأزياء الجاهزة أيضا، جعلت عيونها مفتوحة على العالم والتغيرات التي تطرأ على الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، مما يساعدها على التقاط التوجهات التي تميل إليها العرائس. أي ما إذا كانت تميل إلى تصاميم هادئة ترفع شعار القليل كثير أو العكس. فعلى مدى ثلاثة عقود من الزمن، عايشت كل الموجات التي ظهرت تقريبا، من أسلوب «ألبانك» إلى الأسلوب القوطي، واستوحت منها، وإن كانت ستعرف دائما بالمصممة التي قدمت المرأة إلى فساتين ناعمة وهادئة، قد تكون بمفهوم الأمهات الكلاسيكيات مجرد فساتين سهرة أنيقة وليس فساتين زفاف، لكنها تلمس وترا حساسا بداخل عرائس اليوم. في لقاء سابق معها قالت: «ما قدمناه لحفلات الزفاف هو ذلك الإحساس بالحرية، الأمر الذي غير نظرة العروس إلى فستانها كما إلى نفسها». مثل الكثير من المصممات، دخلت فيرا وانغ هذا المجال عندما كانت في الـ39 من عمرها ومقبلة على الزواج لأول مرة. لم تجد أي فستان يعجبها ويخاطب ذوقها، لا سيما أنها لم تكن صغيرة في السن تحلم بفستان فخم وضخم يستلهم خطوطه من الأساطير وقصص الأميرات. كانت تريد فستانا بسيطا وواقعيا يعكس شخصيتها واستقلاليتها من دون أي تنازل عن الأناقة. ما كان منها إلا أن عكفت على تصميم هذا الفستان، مطبقة مقولة «ما حك جلدك مثل ظفرك» وبالفعل نال الفستان إعجاب الحضور، مما زرع فكرة أن تُطلق خطا خاصا بالعرائس. استعذبت التجربة، وافتتحت أول محل لها في فندق «كارلايل» بماديسون سكوير، أتبعتها بمحلات أخرى. فقد كان فستان زفافها البسيط قدم السعد عليها وعلى الكثير من العرائس اللواتي تزوجن في تصاميمها. فهي تترأس إمبراطورية تقدر بمليارات الدولارات، بفضل فلسفتها بأن العروس تريد خيارات كثيرة، والتقاطها نبض السوق بأن الفخامة الاستعراضية لم تعد هي المنى والطلب. وتستدل على هذا بقولها إن كل من تشيلسي كلينتون والمغنية اليشا كيز تزوجتا في نفس اليوم وبفستانين من إبداعها، لكن كل واحدة اختارت تصميما مختلفا تماما يعكس اختلاف شخصيتيهما. «الاختيار يعتمد على كيف تريد العروس أن ترى نفسها في أهم يوم من عمرها» حسب رأيها. توافقها الرأي المصممة مونيك لوليير، المعروفة بأسلوبها الأنثوي الرقيق، الذي استقطب لها عرائس من مثيلات بريتني سبيرز، ريس ويذرسبون والرياضية البريطانية جيسيكا إينيس. تقول: إنها تضع نصب عينيها قاعدة أساسية وهي أن تجعل العروس «تشعر بأنها أجمل امرأة في العالم، من دون أن تنسى أنها أنثى مثيرة.. أريدها أن تشعر بأنها تلبس فستانا يعكس أسلوبها الخاص وليس بالضرورة أن يكون تقليديا». مثل فيرا وانغ، كان دافع مونيك لإطلاق هذا الخط عندما كانت تبحث عن فستان عرسها. كان تريده أن يجعلها تبدو أجمل امرأة في العالم، ولأنها كانت في ذلك الوقت لا تزال تدرس في معهد الموضة، اشترت فستانا جاهزا، تقول: إنه كان أنيقا لكن ليس بالصورة التي كانت رسمتها في خيالها، لذا أجرت عليه بعض التغييرات حتى يلائمها. ألهمتها التجربة بتصميم مجموعة محدودة لا تتعدى الخمسة فساتين، طرحتها في السوق قبل أن تتوسع وتفرض ماركتها المسجلة، التي تتمثل في إضافتها شريط بلون مختلف على الفستان، إلى جانب تقديمها خيارا آخر يتمثل في تنورة طويلة مع كورسيه منفصل. في تشكيلتها لصيف 2014. قدمت تسعة اقتراحات أغلبها بطول قصير استلهمته من أسلوب حياة الفتيات النيويوركيات العاملات، كما تشرح. فهن لا يردن ما يقيدهن ويردن التألق والاستمتاع بأهم يوم في حياتهن في الوقت ذاته. التشكيلة جاهزة وتختلف في تفاصيلها عن تلك التي يمكن للعروس أن تضيف إليها تغييرات طفيفة أو تضيف إليها بعض التفاصيل. فهي، كما تقول: «موجهة لعروس ليس لديها الوقت الكافي لكي تفصل فستانها، كما أنها تريد تصميمها بسيطا... فليس كل واحدة تريد فستانا فخما». في الجهة الأخرى من الأطلنطي، وفي بريطانيا، لا يمكن الحديث عن فساتين الأعراس العصرية والرومانسية من دون أن يحضر اسم جيني باكام، البالغة من العمر 48 عاما. فهي واحدة من المصممات المفضلات لكايت ميدلتون، دوقة كايمبريدج، ولهالي بيري وإليزابيث هيرلي، أنجلينا جولي، كايت وينسلوت وغيرهن من سيدات المجتمع والنجمات. بدأت في مجال أزياء السهرة والمساء، ولم تدخل مجال فساتين الزفاف سوى في التسعينات، والسبب كما تقول: إن «الكثير من الفتيات كن يطلبن مني أن أصمم لهن فساتين زفافهن، والحقيقة أني لم أشعر أن طلبهن غريب، بل العكس دخلت المجال بإحساس أنها خطوة طبيعية للتطور والنمو». فظروف المرأة اختلفت، واختلف معها ذوقها أيضا، وبالتالي ما كان مناسبا لوالدتها أو جدتها لم يعد يناسبها خصوصا أن حتى طقوس حفلات الزواج تغيرت. فالحفل يمكن أن يقام في قاعة مغلقة أو في الهواء الطلق أو على البحر وغيرها من الأماكن التي لم تكن مطروحة من قبل، وتتطلب تصاميم عملية تتيح الحركة. ومع ذلك انتظرت جيني باكام 10 سنوات قبل أن تطلق خطها الخاص بالعرائس بشكل رسمي، والآن أصبح يشكل 45% من عملها. سر نجاحها، أنها تقدم خيارات مختلفة عما هو مطروح في السوق، تعتمد في الغالب على التطريزات والترصيعات التي تغطي بها التول، كما في الحركة التي يتميز بها الفستان مما يكسبه صبغة حالمة ورومانسية عملية. تشرح: «لا يمكنني أن أتصور فكرة أنه في اليوم الذي تكون فيه كل الأنظار مسلطة عليها، تشعر العروس بأنها مربوطة وغير قادرة على الحركة، أو لا تستطيع أن تتناول شيئا لأنها تلبس كورسيها ضيقا.. أريد عرائسي أن يرقصن». أليس تامبرلي، بريطانية أخرى أصبح اسمها يداعب الفتيات المقبلات على الزواج منذ مدة، إلى حد أنها كانت من بين الأسماء المرشحة لتصميم فستان كيت ميدلتون. مثل سابقاتها، دخلت مجال تصميم فساتين الزفاف بمحض الصدفة وبدافع شخصي، عندما صممت فستان زفافها الخاص. وما إن نشرت صور حفل زفافها في مجلة «فوغ» في عام 2002. حتى انهالت عليها المكالمات من عرائس من كل صوب، يسألنها عن الفساتين التي ظهرت بها في العرس. تعترف أن هذا الاهتمام شجعها على إطلاق هذا الخط، في البداية بتصميم فساتين زفاف صديقاتها والمقربات منها حسب الطلب، أما الآن، فهي تقدم تشكيلتين في العام تعرضهما في أسبوع العرائس بنيويورك سنويا. وبعد أن زادت الطلبات بشكل كبير، اكتشفت أنه من الصعب عليها تلبيتها إلا إذا توسعت وخصصت جزءا كبيرا من وقتها واهتمامها لهذا الخط، الذي تقول: إنها تعشقه: «لأنه عالم قائم بذاته، يتيح لي أن أبتكر نوعا من الفانتازيا من خلال فساتين تتضمن الكثير من المعاني للعرائس. وصفه بفستان العمر يكفي لشرح قيمته وليحفزني أن أضع فيه الكثير من الجهد والخيال حتى يشبع الحلم الذي راود صاحبته لسنوات». يتميز أسلوبها بتصاميم تقطر رومانسية وأناقة، تجمع فيها بين الأنوثة والكلاسيكية الهادئة التي تتحدى الزمن. وأغلبها مستوحى من أسلوب الأميرة الراحلة غريس كيلي، أو من حقبة الخمسينات وعصر هوليوود الذهبي، لا سيما نجمات الفيلم نوار. * كماليات أساسية * لا ينكر اثنان أن فستان الزفاف يتصدر أولويات أي عروس، لكن هناك تفاصيل أخرى تكمله ولا يمكن الاستغناء عنها حتى تأتي الصورة متكاملة ومتألقة، منها: * إذا كان تصميم الفستان في غاية البساطة ومن دون تطريزات، تصبح المجوهرات حاجة ضرورية. أما إذا كان مطرزا عند الصدر مثلا أو يتمتع بتفاصيل أخرى عند التنورة، فإن الاكتفاء بمجوهرات رقيقة وناعمة مثل أقراط أذن وسوار ناعم مع التركيز على تزيين الشعر بتاج أو طوق أمر يُرحب به، ومن شأنه أن يضفي على مظهرك التميز الذي سيخرجك من إطار المنافسة. التصميم أيضا يحدد استعمال بعض القطع مثل العقود إذا كانت ياقة الفستان عالية. * الأبيض الثلجي ليس اللون الوحيد الذي يقترحه لك المصممون منذ مدة، وإن كان الغالب، بل هناك درجات أخرى لا تقل جمالا مثل السكري والعاجي، والفضي والذهبي وغيرها من الألوان الخفيفة. * عندما يكون الفستان بتصميم بسيط وناعم فإن الطرحة قد ترقى به إلى مستوى الحلم، لذا من المهم أن توليها نفس الأهمية ولا بأس أن تختاريها لافتة سواء كانت رومانسية من التول أو كلاسيكية من الدانتيل. وفيما تتنوع خاماتها بشكل كبير، فإن تصميمها يتراوح بين القصير الذي يصل إلى الكتفين أو يتعداهما بسنتمترات قليلة، وبين الطويل الذي يصل إلى الأرض أو أكثر. ويلعب هنا قوام العروس أهمية كبيرة، إذ هناك من تناسبها الطرحة الطويلة وهناك من لا تناسبها سوى القصيرة والعكس. فالمسألة مسألة نسبة وتناسب. * التاج أيضا ذوق شخصي يعتمد على الإطلالة التي تحلمين بالحصول عليها. بشكله التقليدي، سيمنحك مظهرا يمزج بين الكلاسيكي والعصري، أما إذا كان على شكل مشط صغير أو طوق فإنه سيمنحك إطلالة حديثة وشبابية أكثر. * بحكم أن معظم الأعراس تقام في الصيف، يفضل أن يكون ماكياجك من النوع المقاوم للماء، حتى تتجنبي سيلانه تاركا البشرة شاحبة مع آثار وهالات غير مرغوب فيها حول عينيك. لحسن الحظ أن هذه النوعية متوفرة بشكل كبير سواء تعلق الأمر بقلم الكحل أو الماسكارا أو بظلال الجفون وكريم الأساس وغيرها من المستحضرات. * قد يكون الشعر المنسدل أكثر رومانسية، إلا أن الرطوبة العالية قد يؤثر عليه سلبا. في هذه الحالة فإن رفعه إلى أعلى على شكل «شينيون» حل عملي سيشعرك بالانتعاش والحرية، وفي الوقت ذاته سيخلق بعض التناقض المتناغم مع فستان رومانسي ناعم.