يعاني كبار السن من الكثير من الأمراض والاضطرابات العضوية الناتجة عن تقدم السن. وأحد أهم هذه الاضطرابات "اضطرابات النوم" والتي تؤثر سلبا على الوظائف العضوية للكثير من أعضاء الجسم الحيوية والمهمة. اضطرابات النوم هي إحدى أكثر المشكلات شيوعًا عند كبار السن. ففي الغرب تعتبر اضطرابات النوم السبب الرئيس في إدخال كبار السن دور رعاية العجزة. وتحدث عادة تغيرات عضوية عند كبار السن، ومن هذه التغيرات ما يصيب نظام وطبيعة النوم. وإضافة إلى التغيرات التي تصيب طبيعة النوم فإن كبار السن معرضون للكثير من الأمراض العضوية التي قد تؤثر في النوم بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ويشكو نحو نصف كبار السن من مشكلات في النوم. وأكثر ما يشكو منه كبار السن تقطع النوم. ويزيد الأرق بصورة مضرّة مع تقدم العمر. كما أن الاكتئاب (أحد الأسباب الرئيسة) للأرق هو أكثر شيوعًا عند كبار السن. التغيرات في النوم التي تصاحب التقدم في السن: قبل أن نتعرض للتغيرات التي تحدث للنوم عند كبار السن، من المهم أن نتعرف على النوم الطبيعي ومراحله؛ فالإنسان ينام في أوقات معينة (عادة الليل) ويستيقظ في أوقات معينة (عادة النهار). وينظم ذلك في جسم الإنسان ما يعرف بالساعة الحيوية أو الإيقاع اليومي والتي يحددها في الأساس التعرض للضوء وإفراز هرمون الميلاتونين. والنوم الطبيعي يتكون من قسمين رئيسين هما: القسم الذي تحدث فيه الأحلام وتعرف بمرحلة حركة العينين السريعة، والقسم الذي لا تحدث فيه حركة للعينين. ويتكون هذا القسم من أربع مراحل هي: المرحلة الأولى، المرحلة الثانية، والمرحلة الثالثة. ويبدأ النوم عادة بالمرحلة الأولى ومن ثم يتقدم للمراحل الأعمق. وتعرف المرحلة الثالثة بالنوم العميق، وهذه المرحلة مهمة لاستعادة الجسم نشاطه. ويقضي متوسطو وكبار العمر نسبة أقل في المراحل العميقة من النوم، وعادة ما تقل هذه النسبة بصورة مطّردة مع تقدم العمر. فعند سن السبعين مثلا يقضي الإنسان نسبة قليلة جدًا في المراحل العميقة من النوم تصل عند البعض إلى نحو الصفر. كما أن كبار السن أكثر عرضة لتقطع النوم خلال الليل، وهذا قد يكون نتيجة لأسباب عضوية في بعض الأحيان، ويصعب التعرف على السبب في أحيان أخرى. وعادة ما يغفو كبار السن غفوات قصيرة وبصورة متكررة خلال النهار، وهذا يزيد من الأرق بالليل. وعند كبار السن تكون الساعة الحيوية أقصر من الطبيعي مما ينتج عنه النوم مبكرا خلال الليل والاستيقاظ مبكرا (فمثلا قد ينام كبير السن الساعة التاسعة مساء ويستيقظ الساعة الثانية صباحا). والتغيرات السابقة هي نتيجة لعدة تغيرات في الجسم توصل العلم إلى معرفة بعضها. فإفراز بعض المواد كهرمون الميلاتونين (هرمون النوم) يقل عادة عند كبار السن، كما أن أسلوب الحياة الذي يتبعه بعض كبار السن من قلة الحركة والخمول خلال النهار وعدم التعرض للضوء الخارجي يؤثر في جودة النوم. ساعات النوم التي يحتاجها جسم كبير السن: هناك اختلاف بين المختصين في طب النوم حول ذلك الموضوع؛ ففي حين يعتقد الكثير منهم أن عدد ساعات النوم خلال الأربع وعشرين لا تتغير مع تقدم العمر على الرغم من قلة عدد ساعات النوم بالليل بسبب كثرة الغفوات خلال النهار، يعتقد البعض أن حاجة كبير السن إلى النوم تقل مع تقدم العمر. الأمراض الطبية التي يؤثر على نوم كبير السن: هناك الكثير من المشكلات الطبية التي تؤثر في جودة النوم عند كبار السن بصورة مباشرة أو غير مباشرة. من هذه المشكلات: • آلام المفاصل وهشاشة العظام. • حموضة المعدة وترجيع الحمض إلى المريء. • الاضطرابات التي تصيب الجهاز البولي. • أمراض القلب والجهاز التنفسي المزمنة. • تصلب الشرايين الطرفية. • الأمراض التي قد تصيب الجهاز العصبي عند كبار السن كمرض الرعاش (الباركنسون) ومرض الزهايمر وغيرها. فكل المشكلات الطبية السابقة تؤثر في النوم وتجعله متقطعًا، وقد تسبب الأرق. كما أن كبار السن أكثر عرضة للإصابة ببعض اضطرابات النوم المعروفة. فاحتمال الإصابة بالشخير يزيد مع تقدم العمر. وعند الأشخاص الذين تخطوا سن 65 سنة يصيب توقف التنفس أثناء النوم 28 في المئة من الرجال و24 في المئة من النساء. كما أن احتمال الإصابة بمتلازمة حركة الساقين غير المستقرة وحركة الأطراف الدورية أثناء النوم تزيد باطّراد عند كبار السن. فقد أظهرت إحدى الدراسات أن نحو 45 في المئة من كبار السن يعانون حركة الأطراف الدورية. طرق علاج اضطرابات النوم عند كبار السن: يحتاج كبير السن الذي يعاني الأرق أو زيادة النعاس خلال النهار إلى تقييم من قبل طبيب مختص لتحديد إذا ما كان اضطراب النوم ناتجا عن نقص في النوم أو مرض عضوي أو اكتئاب أو أحد اضطرابات النوم. ويوصف العلاج لكل مريض بناء على التشخيص الإكلينيكي للحالة وفي بعض الحالات قد يكون هناك حاجة إلى إجراء دراسة للنوم. ولكن بصورة عامة يُنصح كبار السن باتباع التالي: • ممارسة التمارين الرياضية (المناسبة لعمر وصحة الشخص) بصورة منتظمة. • الانتظام في مواعيد النوم والاستيقاظ (وخصوصا وقت الاستيقاظ). • التقليل قدر الإمكان من الغفوات والحد منها إلى غفوة واحدة بحيث لا يزيد وقت الغفوة عن نصف ساعة. • محاولة التقليل من المنبهات كالقهوة قدر الإمكان وبالذات وقت المساء. • عدم استخدام الحبوب المنومة إلا بعد استشارة الطبيب المختص؛ لأن هذه الحبوب قد تسبب آثارا جانبية لدى كبير السن، كما أنها تزيد من احتمال توقف التنفس أثناء النوم. وقد أظهرت الأبحاث أن تناول الحبوب المنومة يزيد من احتمال سقوط كبير السن والتعرض للكسور. كما بينت أبحاث حديثة أن كبار السن الذين يتناولون بعض أنواع الحبوب المنومة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف. • التعرض للضوء الخارجي وعمل أنشطة ولو خفيفة خارج المنزل. وقد أظهرت الأبحاث التي أجريت على كبار السن في دور الرعاية أن تعريض النزلاء إلى الضوء الطبيعي الخارجي لمدة 30-60 دقيقة قد ساعد كثيرا في تحسين نوم كبار السن.