لن تبقى الولايات المتحدة في صدارة الدول الأكثر استيراداً للنفط على مستوى العالم في ظل التغيّرات السريعة التي تشهدها خريطة الطاقة العالمية، إذ أن حجم استيرادها للنفط الخام ينخفض تدريجاً في الوقت الذي أصبحت فيه الصين ثاني أكبر مستورد للنفط الخام، وتشهد، على عكس الولايات المتحدة، زيادة مستمرة في حجم الطلب، بينما تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن تصبح الصين أكبر مستورد للنفط الخام نهاية السنة. وأشار المحلل الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد إلى أن «الصين ليست الدولة الوحيدة في آسيا الناشئة التي تتجه لتكون في صدارة الدول المستوردة للنفط، إذ تتبع كل من الهند والاقـتــــصـــادات الصـــناعـــــية الحديثة، مثل كوريا الجنوبية وتايوان، هذا التوجه أيضاً، فنحو نصف الدول الموجودة على قائمة أكثر 10 دول استيراداً للنفط الخام هي في آسيا الناشئة، بينما تحتل كورية الجنوبية المرتبة السادسة في القائمة». ولفت إلى ارتفاع «استهلاك كوريا الجنوبية من الطاقة في شكل منتظم، وبما أن إمكاناتها لإنتاج أي نوع من الطاقة قليلة، ارتفع أيضاً حجم استيرادها، في حين يكوّن البترول نصف استهلاكها، ما جعل دول مجلس التعاون الخليجي المصدر الأساس لواردات كورية من الطاقة منذ سنة». وأكد أن «حجم السلع التي صدرتها دول الخليج إلى كوريا الجنوبية تجاوز 98 بليون دولار خلال سنة، أي 20 في المئة من إجمالي الواردات الكورية». وأضاف: «تُعتبر السعودية أكبر مُصدّر للطاقة إلى كوريا الجنوبية والخامسة على مستوى العالم، إذ بلغ حجم صادراتها إلى كوريا 37.5 بليون دولار العام السنة المنتهية في تموز (يوليو) الماضي، تلتها قطر بـ26 بليون دولار، ثم الكويت بـ18.4 بليون، فالإمارات بـ16.2 بليون». وكانت الكويت احتلت المرتبة الثالثة خليجياً لجهة التصدير إلى كوريا منذ العام 2011. وأشار عقاد إلى أن «مؤسسة النفط الكورية (كانو) أكدت أن حجم الصادرات الكويتية من النفط إلى كوريا بلغ 518 ألف برميل يومياً خلال تموز الماضي، أي نحو خُمس إنتاج النفط الكويتي الشهر ذاته وخُمس واردات كوريا النفطية». ولفت إلى أن «كوريا تنمو بمعدل أقل من أقصى إمكاناتها لأن قطاعيها الصناعي والاستهلاكي تأثراً سلباً بانكشاف الدولة على مجموعة الثلاثة المكونة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، كما يتأثر قطاع التبادل التجاري لدول الخليج من خلال هذه القناة، لا من خلال تعاملها المباشر مع الدول المتقدمة، وهو أيضاً حال الصين وتايوان والدول الأخرى في آسيا». وأوضح أن «دول الخليج تصدّر إلى دول آسيا الناشئة ضعفي ما تصدّره إلى دول مجموعة الثلاثة، كما أن الدول الآسيوية الأقل تقدماً مثل فيتنام وكمبوديا تتجه نحو زيادة طلبها على منتجات الطاقة من دول الخليج لدعم تطوّر قطاعاتها الصناعية». وأضاف: «تخفض دول مجموعة الثلاثة حجم استيرادها من دول الخليج استجابةً لتباطؤ صناعاتها، ولأنها أصبحت أكثر اعتماداً على إنتاجها المحلي من الطاقة، ولكن الطلب الآسيوي على الطاقة من دول الخليج سيبقى قوياً وداعماً لتوسّع آسيا المستمر على رغم البيئة الاقتصادية العالمية الضعيفة». وبيّن أن «كوريا تعتبر شريكاً اقتصادياً مهماً لدول الخليج، ولذلك يسجل بعض التنافس بين هذه الدول لزيادة حجم صادراتها إلى الدولة الآسيوية، بينما تتصدر السعودية القائمة». وأكد على ضرورة أن «تعتمد دول الخليج إستراتيجية التنوّع، فثلث استهلاك الطاقة في كوريا هو استهلاك الفحم الذي يأتي من الصين، أكبر منتج للفحم في العالم، والثلث الثاني هو استهلاك الطاقة النووية والغاز الطبيعي». ولفت إلى أن «كوريا هي ثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال وما زال طلبها عليه يزداد، ما يدعم قطر، في حين بدأت الإمارات بالتنويع في قطاعي التمويل والسياحة بعيداً من الاعتماد على الطاقة، أما الكويت فما زالت بحاجة إلى تنويع صادراتها من الطاقة لتنتهز الطلب الكوري المتزايد، فهي تملك حجم كبير من موارد مؤكدة من الغاز الطبيعي الذي يأتي في المرتبة الـ18 عالمياً، ولكنها تنتج القليل منه».