قبل أن يحسم الرئيس الأميركي باراك أوباما قرار توجيه ضربة عسكرية لسورية، رداً على المجزرة الكيماوية في 21 آب (اأغسطس) الماضي، لا تزال إدارته تتخبط في أزمة «أقل شأناً عالمياً» تتمثل في إعادة تنظيم السلاح الفردي في الولايات المتحدة، وذلك بعد شهور من مجزرة المدرسة الإبتدائية في مدينة نيوتاون بولاية كونيتيكت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، التي أسفرت عن مقتل 20 طفلاً و6 معلمين. وقدمت إدارة أوباما إلى مجلس الشيوخ الخميس الماضي إقتراحات جديدة لتعديلات على قانون حيازة الأسلحة الفردية، بعد 4 أشهر من رفض المجلس مشروع تعديلات أول. في ولاية أوريغون، لا يتردد مزاولو لعبة رماية «الأسلحة الثلاثة» التي يستخدمون فيها رشاشاً من طراز «أي آر 15» ومسدس عيار 9 ملليمترات وبندقية 12 ملليمتراً لإطلاق النار على أهداف كرتونية في الليل غالباً، في تحدّي الرئيس أوباما عبر مطالبته بإرسال طائرات الإستطلاع الخاصة بالإستخبارات لإستكشاف «تمتّع» الأميركيين بسلاح الرصاص الحي، وبينهم أشخاص ذوي مهن تقليدية، مثل المحاماة والهندسة والتدريس والزراعة وسواها. ويؤكد هؤلاء أن عددهم أكبر بكثير مما يعتقده أوباما، وإنهم يتوزّعون على الأراضي الأميركية، ويطلقون النار في أجواء لطيفة محاطين بأصدقاء، وبإشراف إختصاصيين يحرصون على تقيّدهم بمعايير السلامة. والأهم أنهم لا يرتكبون جرائم، لذا إنتشرت مراكز الرماية الحيّة في شكل واسع منذ العام 2010، وبلغ عددها 60 ينظّم بعضها مسابقات تراوح قيمة جوائزها بين 10 آلاف و50 ألف دولار، ما يشكّل نمواً بنسبة 500 في المئة خلال نحو 3 سنوات فقط. لكن أوباما يريد إغلاق هذه المراكز ضمن مقترحات إعادة تنظيم السلاح الفردي التي تتضمن أيضاً حظر استيراد أنواع من الأسلحة. ويعني ذلك تكبّد خسائر مادية كبيرة على صعيد المبيعات، وإنهيار شركات نشأت بسبب وجود رماية «الأسلحة الثلاثة»، وبينها «كريمسون ترايس» التي تصنّع أجهزة ليزر تزود بها الأسلحة لزيادة دقة عملية التصويب. وتوظف الشركة 150 شخصاً، وتوزع منتجاتها في إنحاء الولايات المتحدة. وإرتبطت بعقود مع الجيش الأميركي، وساهمت منتجاتها بحسب شهادات في إنقاذ حياة جنود كثر في العراق. وفيما يعتبر «الأميركيون المسلحون» أن إجراءات أوباما هي «بداية نهاية حريتهم وحقهم في الدفاع عن النفس»، فهم يدعونه إلى الإلتفات إلى واقع أن شيكاغو التي عرفت أعلى معدّل قتل بين المدن الأميركية العام الماضي، شهدت أقل عدد إدانات لإستخدام السلاح في إرتكاب جرائم. كما يطالبونه بالأخذ في الاعتبار آراء عناصر الأمن حول إقتناء السلاح. ويؤكد الرقيب السابق في الجيش الأميركي غريغ ستروب أهمية إقتناء السلاح في إعداد «مدنيين جنود يعززون الجاهزية العسكرية للأمة، وتطبيق القانون في الداخل. وهو أمر عرفته الولايات المتحدة دائماً، ويجب أن يستمر». ويشير ستيف أديلمان، الضابط السابق في وحدة عمليات خاصة بالجيش الأميركي، إلى أن «تعامل الأميركيين المدنيين مع السلاح يجعلهم أفضل إستعداداً للمواجهات العسكرية من جنود أجانب ضمن وحدات دولية، وأكثر مرونة في التعامل مع أنواع مختلفة من الأسلحة في ميادين القتال». ويوضح أديلمان أن منع الرشاش الآلي من طراز «أي آر 15» تحديداً «سيحرم المواطنين والعسكريين معاً من سلاح دقيق وفاعل، ويعرّقل عمليات فرض القانون. كما سيوقف منحى تطوير تقنيات كثيرة لصنع الأسلحة تعتمد على التسويق المدني، خصوصاً المرتبط بمسابقات الرماية». كذلك، لا يرى الشرطي السابق كريس سيرينو أن إمتلاك مواطن رشاش «أي آر 15» قد يؤدي إلى مشكلة في الشارع، ويقول: «المواطن المسلّح هو شخص محمي وحرّ. وهذا ما تحارب قواتنا لتحقيقه، ويسعى الشرطي إلى الحفاظ عليه».