النسخة: الورقية - دولي تحتكم، اليوم، العلاقات التركية – الايرانية الى المصالح المتبادلة، على رغم توترها بين مرحلة وأخرى. وتحتاج الديموقراطية الناهضة في تركيا الی وقت ليشتد عودها. وساهمت اتهامات الفساد التي وجهت الى حكومة اردوغان في تفاقم الانقسام الاجتماعي ازاء الحكومة هذه، وأدت الى شرخ بين المثقفين وعامة الاتراك. ولم تستطع تركيا ان تحل معضلة بقائها في الشرق الاوسط وآسيا او الانتقال الی اوروبا. فالانتساب الى آسيا يمنحها تفوق في التوجه الى الدول الآسيوية والضلوع في معادلات اقليمية. ولكنها تنحدر الى مصافٍ دوني يحط من شأنها حين تنتسب الی اوروبا. ومشاركتها في المعادلات السياسية الاوروبية عسيرة. وأما في الشرق الأوسط، فإيران هي منافستها الأبرز. وليست نظرة تركيا الى الدول العربية ايجابية، وهي تعاملها بشيء من الفوقية. مع انتخاب حسن روحاني، انعطفت السياسة الخارجية الايرانية وتحسنت علاقات طهران الاقليمية التي استندت الی مبدأ العقلانية والمصالح الوطنية. وأظهرت زيارة وزير الاتصالات الايراني، محمود واعظي، تركيا بصفته مبعوث الرئيس الايراني، رغبة حكومة روحاني في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين الی عتبة 30 بليون دولار سنوياً. فتركيا هي طريق ايران الى بلوغ اوروبا. وأهيمتها تبرز في سياق النظرة الجديدة الى العلاقات التجارية بأوروبا، علی رغم ان تركيا رجحت كفة مصالحها في مرحلة المقاطعة الاقتصادية ونأت بنفسها عن سوق الاستثمارات الايرانية. وأميركا تطالب تركيا بما يفوق وسعها، أي اداء دور أكبر في المنطقة والتفوق على ايران التي تربطها علاقات نفوذ بجيران تركيا في الجانب الشرقي. وعلاقات أنقرة بإسرائيل قد تبدو سيئة، لكنها ترتبط معها بعلاقات تجارية وتكنولوجية وعسكرية ومعلوماتية. فخسرت نتيجة هذه الازدواجية القدرة علی تعريف هويتها تعريفاً واضحاً وصارت تتأرجح بين الشرق الاوسط وأوروبا. وعلى خلاف انقرة، هوية حكومة روحاني واضحة لا يشوبها التباس. وثمة تباين في مواقف تركيا وايران حول عدد من المسائل: تعارض مواقف البلدين من الازمة السورية، وتنافس لا يستبعد التنسيق في ادارة التعاون التجاري والاقتصادي. وتحتاج تركيا الی الطاقة الايرانية. والحاجة هذه هي وراء إقبالها على سياسة التنسيق مع ايران والتعاون بعيداً من المواجهة. ولا يستهان بمكانة تركيا في الديبلوماسية الاقتصادية الايرانية. وتتصدر اولويات الحكومة الايرانية صادرات الغاز الی اوروبا، إثر بروز حاجة الدول الاوروبية الى الغاز الايراني على وقع حوادث اوكرانيا. وتركيا هي ممر نقل هذا الغاز الی اوروبا. وتُعِد تركيا لمد انابيب «ترانس ادرياتيك» من اجل نقل غاز حوض بحر قزوين الی ايطاليا عبر اليونان وألبانيا. والاتفاق النووي الايراني سيوفر لتركيا فرصة الاستثمار والتجارة مع ايران. وحكومة الرئيس الايراني التي تنتهج الاعتدال في سياستها الخارجية تسعی الى كسب مزيد من الاصدقاء في المحيطين الاقليمي والدولي. ويغلب على زيارات المسؤولين الايرانيين طابع الاعمال إذ يرافقهم رجال الاعمال. * استاذ علاقات دولية، عن «شرق» الايرانية، 9/6/2014، إعداد محمد صالح صدقيان