حذر خبير سعودي من المخاطر التي تهدد السدود المقامة في عدد من مناطق المملكة جراء تراكم الرسوبيات في أحواضها، ودعا الجهات المختصة إلى التفاعل الإيجابي مع هذا "التنبيه"، وقال الدكتور عبدالملك بن عبدالرحمن آل الشيخ، المشرف على معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء بجامعة الملك سعود، إن الجدية تجاه هذه الظاهرة تقتضي اتخاذ عدد من الخطوات والإجراءات التي تحد من خطورتها. وفي تصريح ل "الرياض" أشار آل الشيخ بصورة خاصة إلى أن سد المزيرعة بالعمارية باعتباره أكثر السدود المعرضة لهذا الخطر، وإذا لم تتخذ التدابير اللازمة فإن "مفعول السد لحماية الأنفس والممتلكات سينخفض؛ إن لم ينعدم ويصبح كأن السد غير موجود"، حيث ازدادت ترسبات الطمي واقتربت من قمة جدار السد. ودعا آل الشيخ إلى ضرورة قيام الجهات المختصة بإزالة الطمي بشكل دوري، والسماح للمواطنين بالاستفادة من الطمي الغني بالمواد المفيدة لنمو النبات وبطريقة منتظمة وغير مضرة بالسد، إلى جانب إقامة سدود صغيرة على معظم الروافد التي تغذي مجاري الأودية للحد من غزارة السيول المتجهة للسد.. على غرار الدراسة التي قام بها معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء بتكليف من أمانة مدينة الرياض للحد من مضار السيول على مطار الملك خالد وبعض الأجزاء من شمال مدينة الرياض. إلى ذلك فإن ارتفاع منسوب الرسوبيات في سد المزيرعة قد لوحظ أثناء تفقد المشاريع البحثية التابعة لمعهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء وهي مشروع الملك فهد لحصد وخزن مياه الأمطار والسيول بالمملكة ومشروع الأمير سلطان لإعادة تأهيل القرى والهجر. وان الملاحظة كشفت زيادة منسوب الطمي في حوض سد المزيرعة، ولم يتبق من السد لحجز المياه سوى أقل من متر ونصف أو مترين. وتقام السدود عادة لأغراض حيوية كثيرة مثل إنتاج الطاقة، والري وتغذية الطبقات السطحية للأودية، ولأغراض احترازية كدرء المخاطر الناجمة عن الفيضانات. وتعتبر ظاهرة تراكم الرسوبيات في أحواض السدود من أهم المشاكل التي تقلل من الفوائد المنشودة التي من أجلها أقيمت السدود. إذ تعمل هذه الرواسب على تقليل كمية المياه المحتجزة في حوض السد وبالتالي تقليل طاقته الاستيعابية لمياه السيول. ويعزو د. آل الشيخ جمع كميات كبيرة من الرسوبيات في حوض سد المزيرعة بالعمارية إلى ثلاثة عوامل، هي: سعة مساحة المساقط التي تتجمع فيها وتأتي منها السيول، وكثرة الروافد التي تشتهر بسعتها وامتداداتها إلى عشرات الكيلومترات والتي تصل مياهها إلى هذا السد، وخلو المساقط والروافد من العوائق والحفر التي قد تساهم في تهدئة واستيعاب كمية كبيرة من مياه السيول قبل وصولها إلى السد. وإضافة إلى التراكم الطبيعي للرسوبيات التي تجعل حوض السد ضحلاً، نبّه د. آل الشيح إلى ما لوحظ من كثرة الاستراحات والمباني السكنية والمزارع الصغيرة في مجرى الوادي تحت سد المزيرعة، وكذلك السدود الأخرى، داعياً إلى أخذ الحيطة والحذر. وأوضح أن النشاطات السكانية والزراعية في مجرى السد قد زادت وتيرتها بصورة لافتة مما يستوجب التوعية واتخاذ الاحتياطات والإجراءات اللازمة لدرء الأضرار المحتملة. ومبيناً حجم الخطر الماثل قال آل الشيخ إن حوض سد المزيرعة بالعمارية قد صمم عند تشغيله عام 1406ه بحيث يرتفع فيه منسوب المياه إلى أربعة أمتار إلاَ أن منسوب الطمي ارتفع على مر السنين بحوالي متر واحد تقريباً وكان الترسب على أشده في الموسم المطري الأخير حيث ازدادت سماكة الطمي لأكثر من متر واحد إضافي في معظم مناطق حوض هذا السد واقترب في بعض المناطق من قمة جدار السد. ولفت د. آل الشيخ إلى أن التغيرات المناخية المتوقعة بإذن الله بسبب الانحباس الحراري ستكون سبباً في تكوين جيوب من المنخفضات الجوية الدفيئة المطلوبة لتشكيل السحب الممطرة وزيادة كميات الأمطار في بعض مناطق المملكة، مشيراً إلى ما شهدته بعض المناطق في السنوات الأخيرة من مواسم مطرية غزيرة غير مسبوقة. وكان وادي العمارية ضمن بعض المناطق الوسطى من المملكة التي حظيت بكمية كبيرة من الأمطار تسببت في بعض الأضرار من انجراف في التربة وارتفاع منسوب السيول التي داهمت بعض المزارع وأغرقت الشوارع وتسببت في بعض الوفيات على الرغم من وجود سدين هما سد المزيرعة وسد المطيرفة التي تبلغ طاقة استيعاب كل منهما مليوناً ونصف المليون متر مكعب ومليونين ونصف المليون متر مكعب من المياه على التوالي. وقد سبق أن تعرضت المنطقة لبعض الفيضانات في السابق لكن أمطار الموسم الأخير كانت الأعنف.