×
محافظة المنطقة الشرقية

"الخدمة المدنية" تبحث النشاط التدريبي لمعهد الإدارة

صورة الخبر

بيروت: نذير رضا أكدت مصادر المعارضة السورية في دير الزور، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن وضع المقاتلين المعتدلين الذين ينتمون إلى الجيش السوري الحر، والكتائب الإسلامية التي تقاتل إلى جانبهم، بات «سيئا»، بعد تقدم مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروفة بـ«داعش»، في ريفي المحافظة، الشرقي والغربي، وتفاقم الوضع الإنساني، بينما أدت الاشتباكات المتواصلة بين الطرفين خلال الساعات الماضية إلى مقتل 45 مقاتلا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتزامن التصعيد في دير الزور مع تجدد الاشتباكات في بلدة المليحة بريف دمشق، التي تعرضت لقصف مكثف من القوات النظامية السورية، في حين أفاد المرصد السوري بمقتل 25 مواطنا تحت التعذيب في معتقلات أمنية سورية. ويجري إجمالا احتجاز المعتقلين للتحقيق معهم في الفروع الأمنية قبل أن يصار إلى نقلهم إلى السجن. في موازاة ذلك، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، بعد نحو أسبوع من فوزه في الانتخابات الرئاسية، عفوا عاما عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخه. وذكر التلفزيون السوري الرسمي في شريط إخباري عاجل أن «الرئيس الأسد يصدر المرسوم التشريعي رقم 22 لعام 2014 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 9 يونيو (حزيران) 2014»، من غير أن يوضح مضمون المرسوم ومن هم الأشخاص الذين يشملهم. ونقل التلفزيون عن وزير العدل نجم الأحمد قوله إن «مرسوم العفو جاء في إطار التسامح الاجتماعي واللحمة الوطنية ومتطلبات العيش المشترك وعلى خلفية الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري في الميادين كافة». في غضون ذلك، أعلن ناشطون سوريون أن الوضع الإنساني في محافظة دير الزور، شرق البلاد، تفاقم نتيجة المعارك العسكرية بين المقاتلين الإسلاميين والمعتدلين من جهة، ومقاتلي «داعش» من جهة ثانية، وسط مخاوف من اقتراب المعارك من كبرى المدن الحاضنة للنازحين في المحافظة، وهي البوكمال والميادين. وقال رئيس المجلس العسكري المعارض في دير الزور المقدم مهند الطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن «المدنيين والمقاتلين المعتدلين في المحافظة يستغيثون»، معربا عن مخاوفه من أن يؤدي «النقص في السلاح الذي نعاني منه منذ ثلاثة أشهر إلى سيطرة (داعش) على كامل المحافظة». وتعد محافظة دير الزور سلة سوريا الغذائية، وأغنى محافظاتها بالنفط والثروات، ويسكنها الآن نحو 600 ألف مدني، بعد نزوح ما يقارب مليونًا ومائتي ألف مدني منها، منذ بدء المعارك مع النظام. ويتقدم مقاتلو «داعش» في دير الزور منذ مطلع شهر أبريل (نيسان) الماضي، وسط اشتباكات مع مقاتلي الكتائب الإسلامية، وبينها «جبهة النصرة»، ومقاتلي الجيش السوري الحر. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس بارتفاع عدد المقاتلين الذين لقوا مصرعهم خلال اشتباكات في بلدة خشام وفي جنوب بلدة الصور بالريف الشرقي لدير الزور وفي جنوب غربي مدينة الزور، إلى 45 مقاتلا، مشيرا إلى أن «داعش» خسرت 28 مقاتلا، «معظمهم من جنسيات عربية وأجنبية». وقال المرصد إن الاشتباكات العنيفة التي تدور منذ ليل أول من أمس، أدت إلى «سيطرة (داعش) على بلدة خشام بالكامل» أمس. وتسيطر «داعش» في هذا الوقت على جزء كبير من ضفتي نهر الفرات في الريف الغربي لدير الزور، بعد تقسيمها إلى منطقتين، الأولى هي الضفة الشرقية، وأطلق التنظيم عليها اسم «الجزيرة»، والثانية هي الضفة الغربية وأطلق عليها اسم «الشامية». وقال ناشطون إن التنظيم أحكم سيطرته على أغلب قرى الريف الغربي، ووصل مقاتلوه إلى مدخل مدينة دير الزور من جهة الحسكة الذي كان يعد المنفذ الوحيد للمقاتلين المعارضين، في حين يحكم النظام سيطرته على سائر المنافذ الأخرى للمدينة. أما من الضفة الغربية فإن مقاتلي «داعش» قد «تقدموا نحو 30 كيلومترا من جهة الرقة، وصولا حتى قرية التبني الواقعة قرب منجم الملح، محاولين التقدم أكثر في العمق الذي يسيطر عليه الجيش الحر، وصولا نحو معسكر الطلائع الخاضع لسيطرة النظام». وفي الريف الشرقي لدير الزور يسيطر الجيش السوري الحر على الضفة الغربية لنهر الفرات، بينما يتقاسم سيطرة الضفة الشرقية مع «داعش»، بينها القرى الواقعة على خط الحسكة باتجاه منطقة البوكمال، وتتضمن آبار نفط، بينها حقل كونوكو. ونفى الطلاع أن تكون التطورات في العراق، لجهة القتال بين مقاتلي «داعش» والقوات الحكومية العراقية، خففت من الضغط عن دير الزور، موضحا أن التنظيم المتشدد «يمتلك عددا كبيرا من المقاتلين، ولطالما أرسل تعزيزات من معقله في محافظة الأنبار العراقية باتجاه دير الزور كلما دعت حاجته». وأضاف: «تشهد منطقة دير الزور وصول أرتال من جهة العراق والرقة والريف الشرقي بحلب وإدلب باتجاه دير الزور في هذا الوقت، كون التنظيم يعد معركة المدينة مصيرية»، مشيرا إلى انسحاب القوة الضاربة من معقله في الرقة السورية باتجاه دير الزور، وهو «ما سمح لمقاتلي الجيش الحر والكتائب الإسلامية التقدم في ريف الرقة الشمالي خلال الأيام الأخيرة».ويسعى تنظيم «داعش» إلى إقامة «دولته» في المنطقة الممتدة من الرقة شمالا إلى الحدود السورية العراقية في الشرق، حيث يمكنه التواصل مع عناصر التنظيم نفسه داخل العراق، بحسب ما يقول خبراء ومعارضون. ويتخوف الجيش السوري الحر من سيطرة التنظيم على المدينة، ما يتيح له التمدد في محافظات أخرى. وقال الطلاع إن القوة الضاربة للجيش السوري الحر «موجودة في دير الزور الآن، ما يعني أن إنهاءها سيمكن التنظيم من السيطرة على كامل شرق سوريا بعد اعتماد المحافظة الشرقية قاعدة لانطلاق عملياته، وربطها بنفوذه في الأنبار، قبل توسيع نطاق دولته داخل سوريا». وانعكس انحسار الدعم عن مقاتلي الجيش السوري الحر على معنويات المقاتلين، كما على المدنيين النازحين إلى مدينتي الميادين والبوكمال. وقال الطلاع إن السلاح «لم يصل منذ ستة أشهر، ما أصاب المقاتلين باليأس»، معربا عن خوفه من أن يدفع هذا الشعور مقاتلي المعارضة إلى «مبايعة (داعش) أو مبايعة النظام لأنه لا خيار أمامهم الآن غير ذلك». وبات المقاتلون المعارضون الآن محاصرين من قبل «داعش» من الشمال بسيطرته على طريق الحسكة - دير الزور، والسيطرة على المداخل الغربية، كما من قبل القوات النظامية في الجنوب والشرق، حيث يسيطر النظام على المطار العسكري، والفروع الأمنية الثلاثة ومعسكر الطلائع في المدينة، ويحاول مقاتلوه صد هجوم الجيش الحر المتكرر من مدينة الموحسن. وفي سياق متصل، أطلق ناشطون مدنيون معارضون في محافظة دير الزور حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان «دير الزور تستغيث»، لتسليط الضوء على الحصار المفروض على المحافظة الشرقية من سوريا منذ نحو السنتين، ومعاناة سكانها. وقال الناشط المدني المعارض محمد البوكمالي، وهو أحد منسقي الحملة، إن الهدف من إطلاقها «إنساني بحت»، حيث يعاني «أكثر من مليون ونصف مليون مدني» من الحصار الذي يفرضه كل من النظام السوري و«داعش» عليها، من خلال سيطرتهما على الممرات التي تؤدي إليها. وأفاد ناشطون بأن الوضع داخل مدينة دير الزور ساء منذ عدة أيام، حيث يعاني سكانها من انقطاع في خدمات الماء والكهرباء، إضافة إلى نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية. وفي ريف إدلب، أفاد ناشطون باستهداف المقاتلات الحربية التابعة للجيش السوري معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا من الجانب السوري والخاضع لسيطرة الجبهة الإسلامية المعارضة، بصاروخين، أصاب أحدهما مقر المحكمة الشرعية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. وفي ريف دمشق، أفاد المرصد بتعرض بساتين بلدة المليحة لقصف من قبل قوات النظام بالتزامن مع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومسلحين من جنسيات عربية ومقاتلي «حزب الله» اللبناني من جهة، وجبهة النصرة والكتائب الإسلامية من جهة أخرى، في البلدة ومحيطها.