بوكز (Pokes) كلمة تعني النغز أو الوكز وغالباً ما تستخدم في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، كعلامة للفت انتباه الشخص أو المشترك بقولك له: (أنا هنا)، مؤخراً سمعنا ورأينا كيف أن الكيان الصهيوني يقوم بهذه العملية من خلال تصريحات وزير الدفاع الصهيوني ومن قبله الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل، تجاه الشعوب العربية خاصة التي يحاولون من خلالها لفت أو شد الانتباه إلى إمكانية تطوير في العلاقات الصهيونية والعالم العربي، مع إمكانية إعادة صياغة لها، في ظل رسوخ الثوابت الصهيونية وشيء من التنازلات من الجانب الإسلامي والعربي. والملاحظ أن ما يقوم به الساسة الصهاينة مؤخراً من تصريحات تتعلق بالمسلمين والعرب فيها من استمالة العواطف وتحريك المشاعر ما فيها، وذلك بتوجيه الرسائل المباشرة وغير المباشرة للشعوب اليهودية لتحسين العلاقات مع العرب في مجالي السياسة والاقتصاد اللذين هما ذراعا القوى الداخلية والخارجية لدى أي دولة، لتسهيل وتسيير عملية المطالبة بالمساكنة والمعاملة والتفتح مع الشعب اليهودي وإزالة لأي حاجز يمنع من ذلك، وهذا ما يراه ليبرمان عندما قال: (إن الفرصة متاحة اليوم لإبرام معاهدات في المنطقة بين إسرائيل وبعض الدول العربية، مضيفاً أن كل ما يمنع من إقامة اتفاقيات في المنطقة اليوم ما هو إلا «حاجز نفسي» يقف أمام الدول العربية). فهو يرى أن المانع مجرد الحاجز النفسي الذي يتمثل في العاطفة لدى المواطن العربي بشكل كبير، التي هي المعيار في كثير من قضاياه، الأمر الذي يجعل الصهاينة يخاطبون العرب بلغة العاطفة فضلاً عن العقل، وكما في قول الجنرال الإسرائيلي «يدلين»: إن نتنياهو مستعد للذهاب إلى مكة أو جدة». فهل كان اختياره لمكة من باب المصادفة أم لعلمه أن لها مكانة في قلوب المسلمين، بالتأكيد لم تأت كلمته اعتباطاً ولكن لغاية هو يعرفها، من تحريك لهذه العاطفة بشكل إيجابي تجاه اليهود وخلق صورة إيجابية مخالفة لما هي مترسخة في نفوس العرب. أضف إلى ذلك ما نراه وهو شيء غريب ومثير للتعجب لمن تأمله -، ما تطالعنا به الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي بين الفينة والأخرى من صور وأخبار لعائلات يهودية تعتنق الإسلام ومن ثم تبدأ عملية استحثاء للعرب والمسلمين لإبداء الإعجابات (لايكات) لهم أو المساهمة في نشر خبرهم على أكبر مستوى في العالم العربي، وهذا في الواقع إقرار لهم بمقولتهم بأنهم (شعب الله المختار) بطريق غير مباشر، و إلا ما الذي يميز اليهودي عن النصراني والبوذي والسيخي إذا اعتنقوا الإسلام، فمازالت مكاتب الدعوة والإرشاد تطالعنا بشكل مستمر بأخبار المهتدين للإسلام من عدة جاليات وديانات. فلماذا هذا التميز والتمييز والله عز وجل قد جعل التفضيل بين خلقه بالتقوى، بكل بساطة إنها عملية لاستمالة المشاعر واللعب على وتر العواطف ولما لها من بُعد سياسي ونفسي، بغرض التقريب وإزالة الحواجز النفسية وتغيير للصورة والفكرة العامة لدى العالم عن هذه الشرذمة، واحتمالية المعايشة معهم لا أعني المعتنقين للإسلام بالطبع كل هذا من خلال اللعب بورقة العواطف والمشاعر، التي وجدوا جدواها مع شعوب الغرب خاصة إذا أتقن الإعلام صياغتها بشكل عاطفي ووجداني، فقادة الكيان الصهيوني قد خاطبوا الشعوب الغربية بهذه العاطفة حتى استمالوهم، فكانوا أداة في أيديهم يستخدمونهم كحراك جماهيري نحو مخططاتهم، وأيضا في سبيل إسقاط من يخالفهم من رؤساء غربيين أو مسؤولين، وبنفس الأسلوب ها هم يقومون به لكن مع استغلالهم لوسائل الاتصالات الجديدة، التي تضمن لهم الوصول إلى كل فرد بعينه، بالإضافة إلى استخدامه مع قادة الشعوب العربية والإسلامية، فكان آخرها مع الفيصل في بروكسيل عندما قدم له الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل عرضا عاطفيا في حشاياه السم الزعاف بقوله: (إن معظم الإسرائيليين لا يعرفون بنود مبادرة السلام السعودية، وأعرض عليك القدوم إلى القدس والصلاة في المسجد الأقصى والتحدث من الكنيست إلى الإسرائيليين الذين لا يعرفون المبادرة العربية). فكان الرد واضحاً ومفحماً من قبل الفيصل الذي يمثل الرأي القيادي والحكومي حين قال له: (لا يمكن حتى أن أفكر بمثل هذا العرض، والجنرال يعرف ذلك، وأظن أنه من المهم التفاوض بجدية، وليس باستخدام العواطف من أجل تحويل الانتباه عن القضايا المهمة وهي السلام، أما استخدام الدعوة وتصويري كحجرعثرة فهذا مبالغ فيه، وعلى الإسرائيليين إعلام شعبهم بأهمية السلام). فها هو الفيصل قد قالها مدركاً الأسلوب العاطفي للدعوة ومعبراً برده عن موقف القيادات الإسلامية والعربية، فهل ستقولها الشعوب أمام كل ما يتعلق بشأن الصهاينة الغاصبين أم أن العاطفة ستظل هي سيدة الموقف؟.