×
محافظة المدينة المنورة

تعليم المدينة المنورة يستضيف ( التخطيط للفهم )

صورة الخبر

«مصر تتوضأ .. ونجاح الرئيس الجديد مرهون باستعانته بالكفاءات في كل مجال»، هذا ما قاله جمال الغيطاني، الأديب والكاتب المصري الكبير، للزميلة الأهرام الجمعة الماضي.. والغيطاني دائما هو من يتصدى لقول كلمة أو رأي ثقافي في الحدث السياسي أيا كان هذا الحدث، وكانت كلمته الجريئة في مقاله «وداعا مصر التي نعرفها» في أول يوم تسلم فيه جماعة الإخوان السلطة. هو اسم مقارع دوما في التصدي لأي موقف قد لا يكون في الصالح العام لمصر أو للعرب. التقيت أديبنا الكبير والاسم الفاعل في الحياة العربية مؤخرا، في معرض جنيف للكتاب، وتحديدا في الجناح العربي الذي اعتمدت إقامته في المعرض اعتبارا من هذه الدورة، كانت البداية عن مشاركته في المعرض، وإلى أين وصل رضاه عن مشاركاته المتعدده في أنشطة المعرض المختلفة، وعن حضور العرب والأدب العربي في المعرض فقال: - سعدت عندما جاءتني دعوة منظم المعرض والجناح العربي فيه تحديدا، لأسباب عديدة أهمها أننا كسبنا سويسرا في مسألة الحضور الأدبي العربي في أوروبا؛ لأنها كانت دائما بعيدة عن الكاتب والكتاب العربي، بعد أن اقتصر ذلك على فرنسا وألمانيا، ونأي إيطاليا تماما عن ثقافتنا العربية رغم أنها أقرب دول أوروبا إلينا كعرب جغرافيا، وتأتي أهمية مشاركتنا كأدباء وكتاب عرب كتأكيد للثقة التي أضعها بل وأراها في الشعوب العربية، تحديدا في مصر التي أراها أقوى وأكبر من المصريين حتى، عموما أعرف سويسرا ثقافيا واجتماعيا، منذ العام 1992 عندما أقمت فيها أسبوعين أزورها وأقمت فيها أنشطة ثقافية. ● تقول إن فرنسا وألمانيا هما الداعمان الأوروبيان للعرب في الأنشطة الثقافية من هذا اللون، مثل المعارض؟ نعم فباريس مثلا منارة أوروبية للأدب والفن العربي من خلال دور النشر أو غيره، والفعل الثقافي العربي واضح فيها باجتهاد من الجانبين الفرنسي والعربي، حتى أن فرنسا تقوم إلى الآن بدور الكشاف في العالم ليس لنا نحن العرب فقط بل للعالم أدبيا ولا تنسى أنها من قدم ماركيز للأدب العالمي كذلك في السينما «الأدب المشاهد»، كذلك في ألمانيا. أما عن هذا المعرض في سويسرا اليوم فأراه امتدادا لاهتمام فرنسا بنا، ذاك لكوننا في جنيف والجانب السويسري الأقرب إلى فرنسا ثقافيا واجتماعيا، فهناك خلف بحيرة جنيف تربض أول قرية فرنسية وأقربها لسويسرا «على مرمى أنظارنا»، وكل دور النشر الفرنسية متواجدة في المعرض. ● أحكي لي عن مشاركاتك في المعرض؟ كانت لي 4 مشاركات، الأولى محاضرة عن «الإسلام والسياسة في العالم العربي»، والثانية ندوة عن الوضع في مصر ثقافيا أو بمعنى آخر البعد الثقافي في الثورة المصرية، والنشاط الثالث كان المشاركة في «حول موقف الكاتب العربي اليوم»، أما الفعل الثالث فكان محاضرة عن «شهادة في نجيب محفوظ»، حيث تحدثت عنه كشخص في الجوانب الشخصية التي لا يعرفها أحد عنه بحكم علاقتي به وبأدبه وكانت المحاضرة تعبر عن رؤية خاصة نالت الكثير من الأهمية هنا وترجمت إلى الفرنسية. ● الطاغي اليوم على أديبنا وكاتبنا الكبير؟ نعم، الحقيقة أشعر اليوم بألم شديد لسوء فهم عند الغرب وآخرين عن مصر اليوم ولما جرى في مصر وعن موقف المصريين الإيجابي اليوم تجاه حكومتهم الجديدة، لدرجة أن أديبا كبيرا وزميلا يكتب بالفرنسية قال لي هنا ببساطة: أبشرك بحرب أهلية! قلت له هذه الصورة غير حقيقية وواضحة فالصورة لديكم في الغرب عن مصر اليوم مشوشة بل هي مغرضة، بل هي الصورة غير الحقيقية عن مصر، فالغرب لا زال يستثمر كل فراغ، وأضفت أنني أستغرب هذه العتمة في الصورة لديكم عن مصر وأنتم جيراننا في أوروبا فما بال ذلك لدى أمريكا مثلا. وفي هذا الأمر، أرى دوما أن الذي سيحسم مثل ذلك هو موقف الشعوب العربية، دعني أقول لك إنني رجل يعيش في مصر ومشارك في الحياة العامة، وكان لي موقف واضح من جماعة الإخوان المسلمين وأكثر من معلن، وأستغربت كثيرا مقولة أن الجيش استولى على السلطة في مصر وهي الجملة التي تدور في أوروبا حاليا وأنا أقول إن الجيش لحظتها جاء منقذا. وهنا يهمني جدا أن اشيد بموقفي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومن ثم الكويت، فموقف المملكة من ثورة 30 يونيو كان أحد أهم الأسباب في إنجاحها بل وإنقاذ مصر، والإشادة بموقف المملكة كان لوضوح الموقف عند خادم الحرمين الشريفين تجاه الحدث، فالموقف السعودي ساند هذه الثورة وشعب مصر ومصر كلها ليكون لها طريقها الواضح في الحياة بأمان وأمن واستقرار أتمنى أن يدوم، كذلك لا يمكن لي أن أنسى موقف وتصريحات سمو وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الذي نشرته في مقال لي في جريدة الأخبار المصرية كما هو «بالنص». ذلك لأن موقف المملكة كان شجاعا، وجاء في وقت حساس بل ولعب دورا هو أكثر أهمية في نصرة الثورة المصرية الشعبية، وهو موقف لم يحصل مثله يوما كما أنني سأظل أنتظر أي فرصة مواتية لإيضاح كل ما جرى في مصر بوضوح أكثر كمصري عاش في مصر وخارجها. ● أين أنت من زملائك الخائضين في أدب الخليج وكتاباته؟ خذ مني، عندما أسست وزملائي جريدة «أخبار الأدب» في جريدتي «الأخبار» المصرية، بين الثقافة والفن والنصوص الأدبية أثبتت التجربة أن هذا الملحق التابلويد كان للأدب العربي وليس مصريا فحسب، وسبق أن أثبتت التجربة أنه ومنذ أيام جورجي زيدان في دار الهلال، أن أي مجهود في أي مطبوعة عربية أدبية تصدر من مصر إذا لم تضع عينها، وفي اعتبارها الثقافة العربية الشاملة فإنها فاشلة، لديك مثلا الطيب صالح رحمه الله في السودان ولندن عشنا عصره ونعتبره أديبنا، واليوم نحن بل وأنا تحديدا أرى إننا أمام نهضة وطفرة أدبية كبيرة في الخليج، وتحديدا في المملكة، كتاب المملكة وأدباؤها قدموا روايات عالية جدا في قيمتها الأدبية ومنذ سنوات طويلة منهم من جايلوا جيلنا الذي أنا منه مثل محمد علي علوان «الخبز والصمت» و«الحكاية تبدأ هكذا» و«دامسة» وحسين علي حسين وعبده خال ومن الشبان الملفتين في الرواية السعودية اليوم محمد حسن علوان صاحب «القندس ، طوق الطهارة ، سقف الكفاية ، صوفيا» وغيرها من الأعمال الأدبية. ● رأينا كثرا أنك لست مع جائزة «البوكر» العربية؟ نعم أنا ضدها تماما، بل وأراها مشروعا ليس له رؤية واضحة، فمثلا أرى أن بعض الروايات التي وصلت للقائمة القصيرة كانت أقوى أحيانا من الفائزة، ثم أنها عمل ليس له خطة واضحة، فمرة يفوز بها كاتب كبير ومرة كاتب غير جدير ورواية عادية، ومن هنا نفهم أن لا مواصفات للفوز بها، حتى أني أرى أحيانا أنها توهب لـ«بيست سيلر» وليس للروائي الأقوى، وهنا لا أريد أن أقول أن هذه الجائزة مؤامرة على الأدب العربي، ولكنها ذات اتجاهات مضرة بالأدب العربي، حيث بدأت بمدونات في الإنترنت ثم وصلت إلى الأديب الأكثر شهرة، ليكون البيست سيلر، حيث وصل الكثير من الأدب الرديء إلى قوائمها القصيرة، وأرى أنها تعبير سياسي، ففي إنجلترا مثلا البوكر تمنح للكتاب الشبان أو كاتب جديد يتجه للأدب، وأقصد بعدم وضوح رؤية البوكر العربية أنها ليست ذات خط واضح، وهنا أدلل على أن ليس ما يقدم فيها أدبا بروائي أو كاتب، فقديما في مصر وتحديدا في العام 1955، قدم عزيز أرماني عملا كتابيا مخلا «خذني بعاري» ونجح جماهيريا بشكل مريع، إذ وزع يومها 200 ألف نسخة، في الوقت الذي كان نجيب محفوظ يوزع أو يطبع 2000 نسخة فقط، وكان هو نفسه لا يدعي أنه كاتب أو صاحب أدب رفيع، فطبيعة دور النشر في العادة ترويج للبيست سيلر أكثر من صاحب الأدب الجاد، وفي البوكر العربية أرى أن هناك شيئا غير بريء، وأنها تتناسب مع أنها جائزة بأشكال أدبية تجارية، وأعتبر ذلك كارثة، على العموم هذا لا يعني أنني أنفي أن مسيرة البوكر شهدت روايات جيدة وأنها تسببت في حراك ثقافي لكنه ضار، وهنا في الوقت نفسه أحيي جائزة سلطان العويس، التي أرى أنها من أرفع الجوائز العربية، ثم جائزة الشيخ زايد، ولو أني أرى أنها في الموسمين الأخيرين لها أخلت طريق قوتها، وأصبحت لا تليق باسم صاحبها الرجل العظيم الراحل لمنح القائمين عليها اللقب لأعمال ضعيفة، وأرى أنها يجب أن تراعي مسيرة وتاريخ الكاتب الذي سيحملها وأن لا تمنح لرواية جاء من أحد ما بمحض صدفة.. أما الجائزة التي لا تمنح إلا للكبار، فهي جائزة الملك فيصل والتي تتجه دوما إلى الكبار، مثل يحيى حقي الذي كان يستحق نوبل أيضا هذا في الأدب، كنت أتمنى أن يكون جانبها الأدبي في هذا المستوى فقط، مثل الأدباء العظام وكتاب المسرح والروائي والشاعر العظيم، أما هذه الجائزة للعلوم فهي بلا شك عبارة عن بوابة لنوبل فعلماء العالم كلهم يسعون وينتظرون نوالها، أخيرا من حقنا أن نبدي ملاحظات إذا رأينا جائزة ما تتجه للاختلال فبعضها حق يراد به باطل.