ـ الثقافة ليست لباساً عابراً يمكن ارتداؤه وخلعه في المناسبات؛ ثمة جينات تحكم وتوجه الدفة، وتبارك المسيرة، ويبدو أن أهل تهامة المتحدين في الصفات والطباع قادرون أيضاً على اتحاد الفعل الثقافي الذي يشكل الفارق، ويتفوق في بعض الحالات على المركز الذي طالما قدم الكثير.. ـ من رجال ألمع إلى بارق مع ما بينهما وخلفهما من الاخضرار؛ ثمة قرويون بسطاء يثبتون دائماً أنهم مغرمون بخدمة الثقافة وخلق الحوار الصاخب، وربما الجدل السامي الذي يولد قناعات وينسف أخرى، ولذلك اختلفوا مع الدكتور سعيد السريحي وتحاورا معه محتجين على الحداثة، والسبب لأنها وصلت إليهم مشوهة، وربما من مصدر واحد فقط.. ـ في مقهى بارق الثقافي لم أشعر قط أنني في عالم افتراضي مهووس بالمجاملة وإنكار الأفكار الحادة؛ بل في عالم حقيقي يقول فيه الناس آراءهم حول الحداثة وغيرها بكل صدق، ويعترفون أنهم لم يفهموها، ويصرون على الفهم.. هؤلاء أناس محترمون جداً.. ـ الدكتور سعيد السريحي قدم لوحة رائعة للمحاور البارع، والمعلم الذي يتواضع لمن قرأوا فقط قصة التشويه، ولو لم يكن من السريحي إلا تلك الليلة لكفته، ولزادتنا قناعة أنه خير من يروي قصة الحداثة ويعترف بهفواتها بشرف وعزة نفس تبحث عن الحقيقة.. ـ بارق بمثقفيها وأهلها الكرام مصممون على أن يحدثوا بصمة واضحة في حراك عسير الثقافي؛ هي تنتمي إلى هذه الأمم التهامية التي تنوء بالعطر والمعرفة والقادرة بإمكاناتها القليلة على فعل المستحيل وتجاوز الصعاب المعتادة.. لأنها بمنتهى التواضع حضارة الحجر الذي يبقى ولا تذروه الرياح.