بالأمس كان أحد الأصدقاء يتكلم عن مشاكل نادي "الزمالك" المصري، ثم عرج بالحديث عن حي "الزمالك" القاهري، ثم تشعب الحديث إلى حي "قاردن سيتي"، ولم تنته القصة إلا ونحن في "التجمع الخامس"! بالطبع كان صديقي يتحدث بتفاصيل التفاصيل، وكأنما عاش وترعرع بين أزقة القاهرة وعلى ضفاف نيلها! لكن كيف استطاع صاحبنا الإلمام بكل هذه التفاصيل عن أحياء القاهرة وعن تاريخ تطورها وما شهدته من أحداث؟ بينما لو سألته عن حي "الحمراء" المعروف في جدة فلن يستطيع تحديد موقعه، فضلاً عن حي "المنسك" بأبها! السر أيها الأصدقاء يكمن في قدرة الفنون العجيبة على نقل كل هذا وأكثر، كما فعلت روايات نجيب محفوظ وغيره، حينما نقلت دهاليز الحارة المصرية لقراء اللغة العربية، وهو ما قامت به لاحقاً أفلام السينما، وما تسلمت رايته حالياً مسلسلات الشاشة الصغيرة، وأضحت تنقل المزيد والمزيد من ساعات التفاصيل. نعم نحن مقصرون في نقل وتوثيق تاريخنا الغني والمتنوع عبر كافة أشكال الفنون، رغم أن كل مدينة وقرية عبر المملكة لديها مخزون ضخم من قصص وأحداث من الممكن أن تكون أرضية خصبة لمسلسل تلفزيوني أو أكثر، نحقق فيها أهدافاً متعددة، أقلها حفظ تاريخنا المشرق، وتحويله إلى قالب سهل الوصول، والأهم من ذلك قوي التأثير، بالإضافة إلى دعم الحركة الفنية المحلية، وجعلها قوة ناعمة للمملكة. تاريخنا وأدبنا مليء بالأحداث المشوقة والأساطير المثيرة، فهل نسعد يوماً أن نجد تلكم الروايات ضمن خياراتنا على الشاشة؟ وأن نجدها منافسة لما يقدم عن تاريخ دول أخرى؟ الذي بالمناسبة ينتج بتمويل سخي من قنوات تلفزيونية يمتلكها مواطنون سعوديون! حينئذ سوف نجد بالتأكيد من سيعرف "العليا" و"السليمانية" و"المحمل" و"المفتاحة"، ليس هنا فقط، بل في الكويت والقاهرة والرباط.