×
محافظة حائل

الشيحة يوقع 4 عقود كهربائية بقيمة 1577 مليون ريال

صورة الخبر

صلاح الشيخ النقاش بشأن فكرة المسؤولية الاجتماعية في مواجهة التركيز على الأرباح ليس وليد اللحظة. فهذا النقاش قد بدأ منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث جاء الاقتصادي ملتون فردمان بنظرية زيادة الأرباح، التي يقول فيها إن المسؤولية الوحيدة على أي شركة يجب أن تتمحور في زيادة أرباحها بشكل قانوني، وأن نشاطاتها لا يجب أن تذهب إلى أي نشاط لا يسهم في هذا الجانب. فهو يرى أن الشركة ككيان لا يمكن أن تكون لها مسؤولية، وأن المسؤولية تقع على الأفراد فقط. هذه النظرية أثارت جدلاً في أوساط المنظمات الاجتماعية، بالرغم من أنها راقت لمسؤولي وأصحاب الشركات حينها. وبالأخذ بعين الاعتبار أن هذا التوجه ساد أغلب شركات العالم عدة عقود، السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ماذا جنى العالم من وراء ذلك؟ ازدادت معدلات الفقر وتفاقمت المشكلات البيئية ومرت الدول بأزمات اقتصادية صعبة أضعفت الأعمال والمستهلكين على حد سواء. بل وفوق كل ذلك كانت الفكرة السائدة لدى جزء كبير من الناس أن الشركات لا تهتم إلا بحصد المال فقط من جيوب المستهلكين. وربما كان الأثر البيئي لعوادم مصانع الشركات أحد أبرز التأثيرات السلبية المباشرة التي أدت إلى انتشار الوعي بالتلوث البيئي المتزايد على مستوى الكرة الأرضية وبدأ الالتفات أكثر للتأثير السلبي للشركات. هذه الصحوة الاجتماعية طالت ملاك وإداريي الشركات، حيث شعروا بأهمية الانخراط في المجتمع بشكل إيجابي عوضاً عن التركيز فقط على الجانب المادي، فبدأنا نرى بعض الشركات تقحم المسؤولية الاجتماعية مع التوجه الاستراتيجي للشركة، بل إن بعض الشركات الضخمة شكلت أقساماً خاصة داخلها تتخصص في مجال إفادة ودعم المجتمع المحيط وتخفيض المردود السلبي لنشاطات الشركة على البيئة، والحرص على أن تتسم نشاطات الشركة بالنزاهة في جميع جوانبها. الشركات في النهاية ليست إلا جزءاً من المجتمع، ذات المجتمع الذي يوجد فيه مستهلكوها، فالشركة المسؤولة اجتماعياً تسمو فوق الاهتمام للذات وتأخذ دوراً قيادياً يساهم بدعم ونمو المجتمع الذي توجد فيه، وهو ما يعطيها مكانة متميزة تنعكس إيجاباً على مردودها. عندما يشعر المجتمع بأن الشركات موجودة كجزء منه وليس لامتصاص أمواله هو أولاً سيكنُّ الاحترام الأكبر لهذه الشركة، وربما أيضاً يتولد لديه الشعور بأن لكلٍّ دوره في تطوير مجتمعه المحيط، وبالتالي يبدأ الفرد أيضاً بالمساهمة. فكرة المسؤولية الاجتماعية ليست محصورة في القيام بأعمال خيرية كما يعتقد بعضهم، بل هو توجه يشمل مختلف نشاطات الشركة ويلمس جميع الجهات التي لها علاقة بالشركات سواء كانوا المستهلكين أو الشركاء أو الموظفين أو الدوائر الحكومية التي تتعامل معها الشركة، ويعني أن يؤخذ بعين الاعتبار التأثير النهائي لنشاطاتها على المجتمع والبيئة، وفي هذا السياق من المهم أن تتسم تعاملات ونشاطات الشركة بالنزاهة والاحترام والإيجابية مع جميع هذه الجهات. الشركة التي تتحرك بناء على مسؤوليتها تجاه مجتمعها تكسب الاحترام وتبرز صورتها كجهة قيادية في المجتمع، مما يكسبها تقدير جميع جهات هذا المجتمع. ومن الجدير بالذكر هنا أن العمل في جانب المسؤولية الاجتماعية لا يعني عدم الالتفات إلى أهمية تحقيق الأرباح، بل يعني الخروج من دائرة التركيز على فائدة المستثمر فقط إلى الحرص على فائدة جميع أطراف المجتمع والمساهمة الإيجابية فيه، وهو ما سينعكس أيضاً على أرباحها بشكل إيجابي. ولكل ذلك لا شك أنه قد حان الوقت حتى تتخذ الشركات دوراً قيادياً في دعم المجتمع يسهم في تكوين تصور إيجابي عنها ويجعلها جزءاً من المجتمع قولاً وفعلاً.