لا يمكن تجاهل الأدوار العظيمة التي قام بها مجلس التعاون الخليجي. أكثر من ثلاثة وثلاثين عاما من التعاضد والتعاون بين الدول الست، هذا فضلا عن امتداد خيرات المجلس لدول الجوار مثل اليمن، أو دول الحلف مثل مصر، أو دول القرب مثل العراق. خاض المجلس أقسى المراحل منها الحرب العراقية الإيرانية، ومن ثم الحرب العراقية الكويتية، والتي انتهت بدحر قوات صدام حسين ورجوع الكويت إلى أهلها والبدء بمرحلة أخرى من التعاون والتقارب. مرت سنوات من دون تجديد المؤسسة هذا صحيح، غير أن السبب في ضعف تطوره تشتت الجهود والمراوغة من بعض الدول. لكن بنظري فإن المجلس الآن أمام امتحان من ناحية قدرته على التحول: من تعاون، إلى اتحاد! هذا هو هدف المجلس الرئيسي المكتوب في بنوده التأسيسية. وأحسب أن الشراكة الاستراتيجية بين كل من السعودية والإمارات والبحرين يمكن أن تكون نواة لبدء الاتحاد التدريجي ومن ثم اشتراك بقية الدول حسب ظروفها ورغبتها. في الاتحاد الأوروبي أول ما بدأ لم يكن يضم جميع دول أوروبا، لكن مع الوقت والنجاحات والتطور الاقتصادي الفارق دخلت بقية الدول تباعا حتى بات حلم الدول أن تنضم إليه كما هو حال تركيا مثلا، وعليه فإن البدء بالاتحاد ليس شرطا أن يضم جميع الدول، بل لكل دولة الحق في الدخول بعد أن ترى التجربة. حين يكون الاتحاد مبدئيا بين البحرين والإمارات والسعودية وينجح أمنيا واقتصاديا وسياسيا، وحين يضرب مثلا بالنجاح التام والتطور النوعي بالتأكيد سيغري الآخرين بالانضمام إليه، والاتفاقية على تأسيس لجنة تنسيق بين الإمارات والسعودية هو شكل من أشكال بدء تجاوز التعاون إلى مرحلة الاتحاد على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية. اجتماعات المجلس الدورية مهمة لضخ أفكار ضمن ورش العمل المنعقدة، والحرص على إيجاد صيغ جديدة تكون ضمن إيقاع العصر وتحدياته.