بدا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس الخميس متمسكا بمبدأ توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري لردعه والحيلولة دونه ودون محاولة استخدام السلاح الكيميائي مجددا ضد المدنيين ولكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة إيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية خلال التصريحات التي أدلى بها عقب محادثات أجراها في قصر الإيليزيه مع أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض. فقد قال هولاند إنه جدد لمخاطبه خلال لقائه معه وقوف فرنسا إلى جانب الائتلاف باعتباره الممثل الوحيد للشعب السوري ومساندته السياسية والإنسانية والمادية. ولكن الرئيس الفرنسي حرص في الوقت ذاته على التأكيد على ضرورة اتخاذ كل التدابير سعيا إلى إيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية معتبرا أن ذلك يتأتى أساسا عبر ظهور المعارضة السورية بمظهر الطرف القادر على أن يكون الطرف البديل عن النظام السوري ومن خلال تعزيز قدرته العسكرية الميدانية وعبر وجوب تحرك "الأسرة الدولية " لوضع حد للعنف في سورية. وكان المراقبون والمحللون السياسيون ينتظرون من هذا اللقاء للرد على الأقل على سؤالين اثنين هما معرفة ما إذا كانت فرنسا عازمة فعلا على الانخراط في عمل عسكري ضد سورية لمعاقبة النظام السوري بعد المذبحة الكيميائية التي حصلت يوم الحادي والعشرين من شهر أغسطس الجاري في ضاحية دمشق ومعرفة ما إذا كانت فرنسا مستعدة لتزويد المعارضة السورية بأسلحة متطورة . أما بشأن النقطة الأولى فإن المعلومات التي حصلت عليها "الرياض" أمس في العاصمة الفرنسية تشير إلى أن الرئيس الفرنسي لايزال فعلا مصمما على مشاركة بلاده في ضربة عسكرية تطال المنشآت الاستراتيجية السورية برغم تحفظ جزء مهم من الطبقة السياسية والرأي العام الفرنسيين على مبدأ انخراط فرنسا في عمل عسكري في سوريا . ومن مؤشرات اقتناع الرئيس الفرنسي بضرورة توجيه هذه الضربة العسكرية أن فرقاطة " شوفالييه بول " الفرنسية غادرت أمس ميناء تولون متوجهة إل السواحل السورية. وتعد هذه الفرقاطة من أهم المعدات العسكرية الفرنسية البحرية المتطورة . وقد شاركت بنجاح في الضربات الموجهة خلال العام قبل الماضي للمنشئات الاستراتيجية الليبية . وقد دخلت في الخدمة قبل عامين .وهي تتسع لقرابة مائتي جندي ومجهزة بأحدث الأسلحة المضادة للطيران ومنها عشرات الصواريخ . وتحمل الفرقاطة اسم قائد للبحرية الملكية الفرنسية كان قد ولد في مدينة مرسيليا في نهاية القرن السادس عشر. فرقاطة «شوفالييه بول» الفرنسية غادرت ميناء تولون باتجاه السواحل السورية من المؤشرات الأخرى الدالة على قناعة الرئيس الفرنسي بضرورة التحرك العاجل لردع نظام الرئيس السوري بشار الأسد وثنيه عن استخدام السلاح الكيميائي مجددا أن وزارة الدفاع الفرنسية أكدت أمس أن القوات الفرنسية في وضع يسمح لها بالانخراط في عمل عسكري في سورية إذا قرر رئيس الدولة ذلك. وأما بشأن معرفة ما إذا كانت فرنسا قد قررت تزويد المعارضة السورية بأسلحة متطورة فإن الرئيس الفرنسي لم يشر إلى ذلك خلال التصريحات التي أدلى بها عقب محادثاته مع أحمد الجربا الذي أعرب بدوره عن أمله في أن يحصل ذلك في الأيام المقبلة لاسيما وأن حظر مبيعات الأسلحة الأوروبية إلى سورية ينتهي غدا السبت . وأكد الجربا على ذلك في حديث لصحيفة " لوموند الفرنسية" . وقال بشأن الضربة العسكرية التي تستعد بعض البلدان الغربية إلى القيام بها ضد منشآت استراتيجية عسكرية سورية إنها قادرة على الأقل على إضعاف النظام السوري والمساعدة على إيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية . وسئل الجربا عن الجماعات المسلحة المتطرفة في سوريا والتي تتصدى حاليا للنظام السوري فقال إن غالبية عناصرها غير سورية وأن النظام السوري هو المسؤول عن التطرف. وأضاف الجربا يقول إن سوريا ستتخلص من التطرف بعد رحيل الأسد لأنها " بلد الاعتدال والوسطية ". ودعا الجربا في حديث آخر نشرته أمس صحيفة " لوباربزيان " الفرنسية لمقاضاة بشار الأسد وأسرته أمام المحكمة الجنائية الدولية بسبب الجرائم الكثيرة التي ارتكبوها ضد الشعب السوري .