×
محافظة المنطقة الشرقية

القبض على 124 مخالفاً بمشاركة الأمن الوقائي في منطقة شيبة والصناعية الثانية

صورة الخبر

حدثان كبيران قلبا مسار أعمال منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الذي اختتم أعماله في عاصمة الشمال الروسي الأسبوع الماضي. أولهما الأزمة الأوكرانية التي شكلت مع تداعياتها خلفية قاتمة، انعكست في كل ورش العمل والمناقشات خلال الفعالية الاقتصادية الأهم بالنسبة إلى روسيا، خصوصاً في ضوء محاولات موسكو منح انطباع بأن مجرد النجاح في تنظيم المنتدى على رغم المقاطعة الغربية الواسعة، يعكس قدرتها على كسر العزلة المفروضة عليها. الحدث الثاني توقيع صفقة الغاز مع الصين التي استحقت تسمية «صفقة القرن» والتي اعتبرت «اختراقاً جيوسياسياً كبيراً» بسبب حجمها وتوقيتها، ولأن موسكو سعت من خلالها إلى قلب المعادلات في مفاوضاتها مع الأوروبيين حول صادرات الغاز الطبيعي إلى بلدان الاتحاد. يمكن القول أن «دافوس الروسي» كما اصطلح على تسميته، جاء باهتاً هذه السنة ولم يُسجل توقيع عقود أو اتفاقات، وانحصر الاهتمام الروسي في محاولة حشد أكبر قدر ممكن من المشاركين لتجاوز إشكالية مقاطعة الشركات الغربية الكبرى والجهات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي. وباستثناء التوصل مع بعض الشركات الأجنبية إلى مذكرات تفاهم أو «إعلان نوايا» في بعض الحالات، ومنها توقيع «روس نفت» مذكرتي تفاهم مع «توتال» الفرنسية و «بريتيش بتروليوم»، خرجت موسكو خالية الوفاض عملياً وغابت الصفقات الكبرى التي كانت بطرسبورغ مسرحاً لتوقيعها في منتديات سابقة، على رغم تركيز الرئيس فلاديمير بوتين الذي حشد معه فريقاً ضخماً من مستشاري الكرملين وخبرائه خلال أعمال المنتدى، لإزالة مخاوف الحضور من أثر العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي، وحضهم على تعزيز الاستثمارات، باعتبار أن روسيا ستتمكن من تجاوز الأزمة الحالية في علاقاتها الدولية، كما أن اقتصادها لن يتأثر إلا في أدنى حدود. وفي مسعى إلى تأكيد مقولة «فشل التدابير الغربية في فرض عزلة على موسكو»، تعمدت الأخيرة توسيع حضور الشركات ورجال الأعمال من الصين والهند والبلدان الآسيوية الأخرى، للتغطية على غياب عشرات الشخصيات البارزة والشركات الكبرى التي كان لها حضور تقليدي في السابق. كما كان حضور الوزراء والمسؤولين الروس كثيفاً، وترافق مع دعوة أكثر من 460 مسؤولاً فيديرالياً روسياً ووفود ضخمة من المقاطعات، فضلاً عن المشاركة الواسعة لقطاع الأعمال الروسي. ويبدو أن الحدث الثاني المتمثل في توقيع الصفقة مع الصين قبل إطلاق أعمال المنتدى مباشرة، شكل حافزاً لتجاهل بعض الشركات النفطية دعوات المقاطعة والمشاركة في أعمال المنتدى، إذ إن حجم الصفقة الكبير البالغ 38 بليون متر مكعب سنوياً لمدة 30 سنة بقيمة 400 بليون دولار، هو رقم كبير وفق كل المعايير، والكمية أضخم من ثلث صادرات روسيا السنوية إلى الاتحاد الأوروبي. وتحتاج الصفقة إلى إطلاق مشاريع بنية تحتية ضخمة تتجاوز في حجمها كثيراً ما أُعلن وهو 55 بليون دولار، إذ يتطلب إنجاحها تطوير حقول شرق سيبيريا العاملة وبدء استثمار حقول جديدة حتى تلبي الحاجة. يُضاف إلى ذلك تمديد شبكة لنقل الغاز إلى الصين مروراً بمناطق وعرة وأخرى حساسة من الجانب البيئي، فضلاً عن شق الطرق وإيصال الكهرباء إلى مدن عمالية جديدة يجب بناؤها إلى جوار الحقول. وستشغّل الصفقة شركات التعدين والنقل والتشييد، لأن صناعة آلاف الكيلومترات من الأنابيب ولحامها تحتاج إلى عمل مصانع التعدين وفرق البناء. كل هذه العوامل توضح اهتمام الشركات النفطية بحضور أعمال المنتدى والمشاركة في مناقشة تفاصيل الصفقة التي فتحت شهية الشركات الغربية للعمل في تطوير هذه الحقول، خصوصاً أن روسيا بحاجة ماسة إلى تقنيات واستثمارات مالية ضخمة للاستكشاف والاستخراج والنقل. وقال الخبير في شؤون الاقتصاد الروسي سامر إلياس في تصريح إلى «الحياة»، إن روسيا «تسابق الزمن لإنجاز هذا المشروع المكلف الذي يُستبعد أن يكون له مردود اقتصادي كبير»، لأنه يقوم على تطوير حقول صعبة ومد شبكة طويلة أو وصل الشبكتين. وتسعى موسكو إلى إنجاز المرحلة الأهم منه قبل عام 2018 واستكماله مع حلول 2020، لأن هذا الموعد يترافق مع خطة الاتحاد الأوروبي السابقة للتخفيف من الاعتماد على الغاز الروسي إلى 20 في المئة، وبات هذا الأمر أكثر إلحاحاً بعد أزمة أوكرانيا. وبالتوازي مع استغلال موسكو الاهتمام المفهوم من جانب الشركات النفطية الأوروبية بالعقد الموقع مع الصين، لتقريب وجهات النظر في ملفات أخرى، ومحاولة تجاوز آثار العقوبات والمقاطعة، سعت موسكو إلى تضييق مساحة الخلاف مع شركات كبرى تنشط في مجالات أخرى، وهو ما برز خلال المفاوضات الصعبة التي أجراها المصرف المركزي الروسي مع شركتي «فيزا» و «ماستركارد» وانتهت بتوقيع مذكرة تفاهم. وكانت الشركتان أعلنتا في وقت سابق تقليص نشاطهما في السوق الروسية ومقاطعة عدد من المصارف، ما دفع «المركزي» الروسي إلى التلويح بإطلاق نظام دفع إلكتروني وطني على غرار أنظمة الدفع المحلية في الصين واليابان. ووضعت موسكو شروطاً تعجيزية أمام الشركتين، بينها إيداع نسبة من عائداتهما في مصرف «روسيا» المدرج على لائحتي العقوبات الأميركية والأوروبية، وأسفر ذلك عن تهديد «فيزا» و «ماستركارد» بالانسحاب نهائياً من السوق الروسية. لكن تمكّن الطرفان خلال أعمال المنتدى من التوصل إلى اتفاق بات ممكناً بعد تراجع الحكومة الروسية عن شروطها القاسية، والتي كانت محل انتقاد مصرفيين روس مثل رئيس مصرف «في تي بي» العملاق أليكسي كوستين، وكذلك بسبب قناعة النخبة المالية الروسية بعدم القدرة على إنشاء نظام دفع جديد في وقت قياسي. وينص الاتفاق الجديد مع الشركتين على مواصلة نشاطهما في روسيا والمساعدة في وقت لاحق على إطلاق نظام دفع محلي يرتبط بهما. عكس هذا المثال محدودية قدرة موسكو على المناورة لمواجهة طوق العزلة والتخفيف من آثار الضغوط والعقوبات الغربية. وعلى رغم تشديد الوزير سيرغي لافروف في وقت لاحق على أن أعمال المنتدى عكست «فشل محاولات عزل روسيا» لكن المشهد كما يقول خبراء لا يدعو إلى التفاؤل. والمثال الصارخ الثاني على خلفية أعمال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي، جاء مع ترويج موسكو خلاله لمحرك بحث إلكتروني وطني يكون بديلاً من محركات البحث الغربية أو الروسية المسجلة في بلدان أوروبية، مثل «يانديكس» وهو أضخم محرك بحث في روسيا. وقوبل العرض المقدم لإنشاء محرك بحث محلي عملاق بمخاوف بعض الحضور، إذ اعتبروا أنه يبعث برسالتين، تفيد الأولى بأن الكرملين سيعمل على الحد من تأثير وسائل الإعلام الغربية والوسائط الحديثة للاتصالات داخل روسيا. وتظهر الثانية امتلاك روسيا إمكانات تقنية وكوادر لكن لا تُستغل في شكل فعال حتى الآن. ويرى خبراء أن منتدى بطرسبورغ شكل الاختبار الجدي الأول لقدرة روسيا على التعامل مع أوساط المال والأعمال في ظروف المقاطعة والعقوبات، وهو اختبار لم تأت نتائجه مشجعة.