×
محافظة المنطقة الشرقية

21 ألف ريال لمن الخلاص بمهرجان تمور الأحساء

صورة الخبر

إن خالد بن زيد بن كليب الأنصاري النجاري، قد غلبت كنيته: أبو أيوب الأنصاري على اسمه حتى أن بعضاً ممن ترجم له كان يسميه: خالد بن يزيد، وهو صحابي جليل، شهد العقبة مع قومه الخزرج، وشهد مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بدراً وأحداً والخندق وسائر المشاهد، وكان شجاعاً صابراً تقياً محبا للغزو والجهاد (الأعلام: 2: 336). ولما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة مهاجراً نزل عليه وأقام عنده حتى بنى حجره ومسجده، وانتقل إليها، وآخى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بينه وبين مصعب بن عمير. وجاء في خبر نزول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: في حديث عن ابن إسحاق: فأقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بين ظهرانيهم خمساً، يعني بني عمرو وبن عوف، وبنو عمرو يزعمون أنه أقام أكثر من ذلك، وخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة فاعترض بنو سالم بن عوف فقالوا: يا رسول الله هلم إلى العدد والعدة والقوة، أنزل بين أظهرنا. فقال رسول الله لهم: خلوا سبيلها فإنها مأمورة، ثم مر ببني بياضة فاعترضوه فقالوا مثل ذلك، ثم مرّ ببني ساعدة فقالوا مثل ذلك: فقال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة، ثم مر بأخواله بني النجار، فقالوا: هلم إلينا أخوالك فقال مثل ذلك، فمر ببني مالك بن النجار، فبركت على باب مسجده، ثم التفتت، ثم انبعثت ثم كرت إلى مبركها الذي انبعثت منه فبركت فيه ثم تحلحت في مناخها، وزمت فنزل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عنها، فاحتمل أبو أيوب خالد بن زيد رحله فأدخله بيته، وأمر رسول الله ببناء المسجد. وفي حديث أبي الفرج الثقفي بإسناده: أن أبا أيوب حدث: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نزل في بيته الاسفل، وكنت في الغرفة، فهريق ماء في الغرفة، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا نتتبع الماء، شفقاً أن يخلص إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فنزلت إلى رسول الله فقلت: إنه لا ينبغي أن نكون فوقك، فانتقل إلى الغرفة، فأمر رسول الله بمتاعه فنقل. فقلت يا رسول الله كنت ترسل إليّ بالطعام، فأنظر فإذا رأيت أثر أصابعك، وضعت فيه يدي، حتى كان هذا الطعام الذي أرسلت به إليّ، فنظرت فلم أجد أثر أصابعك فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: أجل إن فيه بصلاً، فكرهت أن آكل من أجل الملك، وأما أنتم فكلوا. وقد رُوي أن الطعام فيه ثوم، وهو الأكثر (أسد الغابة 2:95). يرى الذهبي أن له في مسند بقي 155 حديثاً منها في البخاري ومسلم سبعه، وفي البخاري حديث، وفي مسلم خمسة، وقد حدّث عنه مجموعة من الصحابة، منهم البراء بن عازب، وأبو أمامة الباهلي، وأنس بن مالك، وعدد كبير من التابعين أوردهم الطبراني في المعجم الكبير (4: 117 - 187). وكان- رضي الله عنه- حريصاً على حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أخذاً وتفهماً، وتطبيقاً وتبليغاً، فقد روى الحميدي أبو بكر عبدالله بن الزبير في مسنده: أن عطا بن أبي رباح كان يحدث ويقول: خرج أبو أيوب إلى عقبة بن عامر، وهو بمعزل يسأله عن حديث سمعه من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وغير عقبة، فلما قدم أتى منزل مسلمة بن مخلد الأنصاري، وهو أمير مصر فأخبر به فجعل مفرج إليه، فعانقه ثم قال: ما جاء بك؟ يا أبا أيوب، فقال حديث سمعته من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يبق أحد سمعه، من رسول الله غيرك، وغير عقبة، فابعث من يدلني على منزله، قال: نبعث من يدله على منزل عقبة، فأخبر عقبة به، فجعل مخرج إليه فعانقه، وقال: ما جاء بك؟ يا أبا أيوب قال: حديث سمعته من رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ولم يبق أحد سمعه غيري وغيرك، في من ستر مؤمناً في الدنيا، على خزيه، ستره الله يوم القيامة، فقال له أبو أيوب: صدقت ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته، فركبها راجعاً إلى المدينة، فما أدركته جائزة مسلمة بن مخلد إلا بعرش مصر (1: 189-190). وأوضح بن أبي عاصم في كتابه الآحاد والمعاني، أن الأنصار اقترعوا أيهم يأوي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقرعهم أبو أيوب: فآوى إليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- (3: 439). وكان فقيهاً عالماً بالسنة، أورد له الكتاني في معجمه، فقه السلف، أكثر من عشر مسائل، أبانت عن مكانته وحسنه للدليل: استنتاجاً وأمراً ونهياً، قال عنه المزّي في كتابه تهذيب الكمال، في أسماء أيوب: أما تسمع ما يقول عن عائشة؟ قال بلى وذلك الكذب، أفكنت يا أم أيوب فاعلة ذلك؟ قالت: لا والله، قال: فعائشة والله خير منكِ، فلما نزل القرآن وذكر أهل الأئمة، قال عز وجل: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} سورة النور(12)، يعني أبا أيوب قال لأم أيوب.. ولذا كان يروى عن أبي أيوب، أنه يقول: من أراد أن يكثر عمله، وأن يعظم حلمه، فليجالس غير عشيرته (66:8). وحدث بن أبي زبيد قال: دخلت أنا ونوف البكالي على أبي أيوب الأنصاري، وقد اشتكى فقال نوف: اللهم عافه واشفه، قال: لا تقولوا هذا، وقولوا: اللهم إن كان أجله عاجلاً فاغفر له وارحمه، وإن كان آجلاً فعافه واشفه وآجره. وكان مما رواه أبو أيوب -رضي الله عنه- عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، حديث الاستخارة في الخطبة، فقد حدث ابن ابنه: أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري، عن أبيه عن جده، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال له: اكتم الخطبة، ثم توضأ ثم صلّ ما كتب الله لك، ثم احمد الله ومجّده، ثم قل: اللهم إنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، فإن رأيت لي في فلانة -وتسميها- خيراً في ديني ودنياي وآخرتي، فاقدرها لي، وإن كان غيرها خيراً لي منها فاقدرها لي أخرجه ابن حبان والحاكم والبيهقي وأحمد. ويرى- رضي الله عنه- أنه لا يجوز استقبال القبلة، واستدبارها ببول أو غائط في بنيان ولا صحراء، ولا يجوز استقبال القبلة في حال الاستنجاء كذلك، ودليله ومن يوافق في هذا القول من الصحابة والتابعين أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها ببول أو غائط، ولكن شرقوا أو غربوا رواه مسلم (معجم فقه السلف: 1: 29). وقد كان أبو أيوب يرى الوضوء، من أكل ما مست النار، وبذلك قال كبار الصحابة كأبي موسى الأشعري، وابن عمر، وأنس بن مالك، وعبدالله بن مسعود، وعائشة وأم حبيبة، وأبي أيوب وأبي طلحة وأبي هريرة وزيد بن ثابت لكنها نسخت بحديث جابر بن عبدالله قال: آخر الأمرين من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- “ترك الوضوء مما مست النار” رواه النسائي وأبو داود (معجم فقه السلف 1: 82). وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء: “أن أبا أيوب كان يخلف مروان” فقال: ما يحملك على هذا؟ قال إني رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: يصلي الصلوات، فإن وافقته وافقناك، وإن خالفته خالفناك. وقد أدرك مكانته ابن عباس- رضي الله عنه-، لما قدم البصرة عليه، فقد فرغ له بيته، وقال لأصنعن بك، كما صنعت برسول الله، كم عليك؟ قال: عشرون ألفاً فأعطاه وأربعين ألفاً، وعشرين مملوكاً وقاع البيت (2: 41). وقد توفي- رضي الله عنه- عام 53هـ، في غزوة ببلاد الروم، مع يزيد بن معاوية، ولما حضرته الوفاة دعوا له الصحابة والناس، وقال: إذا قُبضتُ، فلتركب الخيل، ثم سيروا حتى تلتقوا العدوّ، فيرووكم، فأحضروا لي وادفنوني ثم سودوه، فلتطأ الخيل والرجال عليه، حتى لا يعرف. فإذا رجعتم فأبصروا الناس، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أخبرني: أنه لا يدخل النار أحد يقول لا إله إلا الله (2: 412). ومن اهتمامه ومحبته لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-، أنه- صلى الله عليه وسلم- لما دخل بصفية: بات أبو أيوب على باب النبي- صلى الله عليه وسلم-، فلما أصبح ورأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كبّر، ومع أبي أيوب السيف، فقال: يا رسول الله، كانت جارية حديثة عهد بعرس، وكنت قتلت أباها وأخاها وزوجها، فلم آمنها عليك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له خيراً. وقالوا: إن علياً استعمل أبا أيوب على المدينة، ولم يروا أنه شَهِدَ مع عليّ صفّين. وروى الأعمش عن أبي ظبيان: أن أبا أيوب غزا زمن معاوية فلما احتُضِر قال: إذا صادفتم العدوّ، فادفنوني تحت أقدامكم كما نقله الذي في كتاب سير أعلام النبلاء (4: 410). mshuwaier@hotmail.com