×
محافظة المنطقة الشرقية

شرطة الرياض: لا علاقة لأيٍ من رجال الأمن بطعن ممرضة الأفلاج

صورة الخبر

يعيش المجتمع العربي في حالة أشبه بالزيت والماء، واللذان لا يمكن أن يختلطا في إناء واحد، كذلك هو الحال بين التيارات الدينية والنظام العربي القديم، والسبب أن الاتجاهات الدينية تريد أن تفرض اجتهادها الديني المتطرف على المجتمع، و أن تقسم المجتمع إلى مسلمين وكفار ومنافقين، ثم تعاملهم من خلال تلك التصنيفات.. بينما ترفض الأنظمة التقليدية مشاركة الإسلاميين في السلطة، وتقوم بدور المدافع عن بعض مقومات الحرية النسبية، ويزيد من حالة الانفصال التام خلو كلا اتجاهات الطرفين من القيم المشتركة، فكلاهما يسعى لفرض أخلاقه وسلطته على الناس، لذلك من الصعب أن يتداخلا في وسط واحد، كما هي حالة الماء والزيت، بسبب غياب الخصائص المشتركة، وهو ما يعني استمرار مناخ اللا استقرار. بعض الدول العربية مرشحة للدخول في حروب أهلية بسبب التنافر بينهما، وقد خسرت بعض التيارات الدينية المعتدلة بعضا من قواعدها الشعبية بسبب تعاطف بعض الفرق المتطرفة كالقاعدة مع توجهاتها، تماماً مثلما خسرت التيارات الإسلامية السياسية المعتدلة في القرون الأولى بسبب تداخل أفكارها مع فكر الخوارج التفكيري، كذلك كان ظهور القاعدة وحضور أفكارها المتطرفة في فصل الربيع العربي أحد أسباب الأزمة، وربما التبرير الأهم لعودة النظام الأمني إلى سدنة الحكم. تمتد رحى هذا الصراع إلى القرون الأولى بعد أن عادت القبيلة العربية بعد الخلافة الراشدة إلى الواجهة في مواجهة التيارات الأصولية والممثلة في الخوارج وغيرهم، وكان الانتصار في أغلب الفترات للقبلية والقبيلة، وكانت دائما ما تفرض استثناءاتها وانفتاحها ووسطيتها الاجتماعية، وقد غابت الفئات العاملة عن حلبة الصراع طول التاريخ العربي، ولا زالت تغيب بسبب ضعف إنتاجها وثقافتها، وغياب الفكر المدني عن مطالبها. يظهر ذلك الغياب واضحاً في العصر الحديث، فبرغم من انتصار القيم الحديثة والمشتركة في العالم، لازالت التيارات المدنية العربية التي تؤمن بالقيم المشتركة تحظى بنسب متدنية، ودائما ما تضيع أصواتها في معمعة العراك الدائم بين النظام العربي القديم وبين التيارات الدينية، وقد ظهر واضحاً ضعف تأثيرهم في الانتخابات العربية الأخيرة، ولعل الاختلاف الوحيد عن القرون الأولى أن سلطة القبيلة العربية تم استبدالها في بعض الأقاليم بحكم العسكر والقبضة الأمنية. تعود أسباب فشل الديمقراطية في عالمنا العربي إلى غياب القيم الإنسانية المشتركة مثل سلطة القانون والمساواة والتسامح والتعددية والاختلاف واحترام الرأي الآخر وفعاليات المجتمع المدني، والتي تعتبر النواة التي قد تخرج منها مجتمعات عربية متصالحة، وتسعى للتعايش في حرية وكرامة، وقد يتعذر الوصول إلى تلك المرحلة إذا استمر الصراع على السلطة بين القوى التقليدية والتيارات الدينية الأصولية، ما لم يتعلم العربي كيف يقلل من اندفاعه وتبجيله للسلطات المتعددة في المجتمع، وذلك من خلال رفع درجة إيمانه بقيم الحرية والعدالة وحقوق الاختلاف والديمقراطية في ثقافته السياسية. وتعود أسباب غياب القيم المشتركة إلى الفشل التنموي والاقتصادي، وغياب المصالح المشتركة بين مختلف فئات المجتمع، وإلى تلاشي الطبقة الوسطى، ويظهر أثرها في ارتفاع نسب الفقر بين أغلب فئات المجتمع العربي، واعتمادها في العيش أكفاف إما على معونات من السلطة الدينية الثرية أو دخل محدود من السلطة التقليدية كالجيش وغيره.