لاحظوا أنها تعددت أشكالها وأحجامها في أسواقنا (قصدي حمّاصة الخبز) والجانب العملي لها هو جعل الخبز هشاً. وشاعت طرفة عند الغربيين تقول إن من اخترع الحماصة لم يكتف بدور الخباز.!، أو أنه يرى أنه (أي الخباز) لم يؤد ما يجب عليه! وتسمية الخبز المغلف بشكل مربعات (توست) تسمية خاطئة، لأنه لم يُصبح (توست) بعد! ومجتمعنا - كما أُشاهد - يستعمل الحماصة حتى ولو لم يكن لديه الخبز الذي يتواءم مع تصميم فتحاتها. فنجد البعض يلتزم بالرغيف المدوّر، وعند الوجبة يقسمه إلى نصفين كي يدخل في التجويف المخصص لنوع آخر من الخبز. المهم تحميص الرغيف. أعتقد أن وجودها بكثرة في الأسواق نوع من الترف الغذائي، لأنها (أي الخبزة المحمّصة) لا تصلح للتنقل، للمدارس مثلاً، أو للرحلات. في تصوري أن كلمة "خبز" يجب ألا تنطبق إلا على الشكل الدائري منه. وقد مدح شعراؤنا الأُوَل استدارة القرص وشبهوه باستدارة القمر. وهذا يدل على الارتباط النفسي وربما ارتباط طعم الخبزة باستدارتها. وكان خباز الحارة موئلاً ومسرحاً ومقيلاً. وعبّرت المصطلحات العربية والأجنبية عن الخبز بأنه الطعام. فسمعنا عن ثورة الخبز، وإضراب الخبز - وهي تعبيرات تستعملها السياسة والصحافة لتدل على شح الطعام أو المجاعة -. ودلّ تعبير إنجليزي أن مصطلح "جالب الخبز" تعني العائل، أو رب الأسرة، وعبارة Winner Bread بالإنجليزية تعني العائل. وثبتت الصورة في أذهان عامة الناس في الوطن العربي، فالخبز لابد وأن يأتي على شكل دائري بالرغم من كثرة الاستحداثات الغريبة الشكل والطعم مثل "الصامولي" و"الكروسون" وهو الذي يأتي على شكل الحيوان المائي "أبو جلمبو"، لكنها كعكة محلاة، أخذت اسمها من مفردة هلال Crescent". ونوع آخر على شكل مربعات صممت كي تتواءم مع حماصة الخبز (التوست) التي صار الناس يستعملونها كي يقولوا لأنفسهم إن الخباز لم يؤدِّ عمله بالشكل المرغوب..!!، ولا مناص من إعادة خبز الخبزة أو "تحميصها" والبعض يقول "تقميرها". ودخل الخبز ذو الشكل المستدير مطاعم بريطانيا، وسَمّوهُ خبزاً عربيا Arabic bread. وهي تسمية غير دقيقة، لأن كلمة "أرابيك" تعني اللغة العربية وليس كل ما هو مشتق عنها. وتجاوز اقتناص ودّ المستهلك العربي حدوده فقامت فنادق الدرجة الممتازة فى أوروبا بجلب خباز أو خبازة، وصمموا له أو لها تنوراً يقوم بتأمين الخبز الحار، ساعة افتتاح المطعم.. يعترض طريق الذاهب إلى المطعم، كي يظهروا للزبون العربي أن شهيته فوق كل اعتبار..!!، رغم امتعاض دعاة مكافحة التلوث البيئي!.