للعام الثاني على التوالي سجلت الهند نموا اقتصاديا أقل من 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بحسب الإحصاءات الصادرة أمس، وهو ما يشير إلى حجم التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة من أجل إعادة ثالث أكبر اقتصاد في آسيا إلى مسار النمو القوي. ووفقاً لـ "الألمانية"، فقد ذكر مكتب الإحصاء المركزي الهندي أن معدل نمو الاقتصاد خلال العام المالي المنتهي في 31 آذار (مارس) الماضي بلغ 4.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقابل 4.5 في المائة في العام السابق وكان أقل معدل نمو منذ عشر سنوات. وجاءت الأرقام الصادرة أقل من التقديرات الأولية التي نشرت في وقت سابق وكانت تشير إلى نمو الاقتصاد خلال العام المالي الماضي بنسبة 4.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وأرجع المحللون هذا الانخفاض إلى ضعف أداء قطاعي التصنيع والتعدين. وخلال الربع الأخير من العام المالي الماضي بلغ معدل النمو 4.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وصدرت بيانات الناتج المحلي بعد أيام من تنصيب ناريندرا مودي رئيس الوزراء الجديد زعيم حزب بهاراتيا جاناتا متعهدا بإنعاش الاقتصاد. وكان حزب المؤتمر الوطني الذي قاد الحكومة السابقة قد تعرض لأسوأ هزيمة له في الانتخابات الأخيرة بسبب الغضب الشعبي من فضائح الفساد وارتفاع معدل التضخم وسوء إدارة الاقتصاد، وقال أرون جايتلي وزير المالية الهندي الجديد "إن استعادة معدل النمو القوي وكبح جماح التضخم تحديات رئيسية أمام الحكومة". ومع وعوده بفرض إصلاحات وتحقيق حزبه غالبية هي الأولى لحزب واحد في البرلمان منذ 1984، سيتعين على مودي مواجهة مقاومة عنيدة لفرض تغيير جذري في مجالات عدة، ما سيؤدي إلى خيبة لدى الشركات الأجنبية الطامحة إلى فرص جديدة، فيما تسيطر على الهند، حركة حمائية قوية تعارض فتح الاقتصاد الذي لا يزال منطويا على الداخل أمام شركات أجنبية. وفيما يعد بهاراتيا جاناتا بفتح الأبواب أمام مستثمرين أجانب في مجالات الدفاع والبنى التحتية، فإن الحزب يعارض إصلاحا سابقا لحكومة حزب المؤتمر يتعلق بفتح قطاع التجزئة أمام متاجر أجنبية. وحذر سجيد شينوي المختص الاقتصادي في "جي.بي. مورجان-الهند" من المبالغة في التطلعات، مشيرا إلى أنه بموجب النظام الفيدرالي للهند فإن 75 إلى 80 في المائة من المشكلات على الأرض هي خارج السلطة المباشرة للحكومة المركزية، وبعض المشاريع الجاهزة للإطلاق يمكن تطبيقها، ما يمكن من تحقيق نمو بفصل أو فصلين، مشدداً على أن انتعاشا قادرا على الاستمرار سيمثل تحديا أكبر بكثير وسيستغرق وقتا طويلا. ويقدر عديد من شركات الاستثمارات الدولية ألا يتخطى النمو نسبة 5.5 في المائة في 2014-2015، ليصل إلى نحو 6.5 في المائة في السنة التالية، غير أن تلك التوقعات قد تتم مراجعتها الآن صعودا، ومع ذلك فإن اقتصاد مودي القائم على حكومة أصغر وحوكمة أكبر يؤذن بخروج لافت عن الخط الاشتراكي الذي انتهجه جواهر لال نهرو أول رئيس وزراء للهند بعد استقلالها عن بريطانيا. ويثني البروفيسور الهندي جاديش باجاواتي في جامعة كولومبيا في نيويورك، على وعد زعيم بهاراتيا جاناتا بتقليص دور الحكومة، ويصف ذلك بنفحة من الهواء النقي، لكن سين يؤكد أن الهند تقف عند مفترق طرق مهم.