عاش حمود في "البر" حتى بلغ الخامسة عشرة من عمره، عندما قرر أهله أن الوقت قد حان ليبحث عن وظيفة يؤمن منها لقمة عيشه ويتزوج بنت عمه. جاء والده إلى شيخ القبيلة الذي رحب بالقادم من البر، وذبح له خروفاً تقديراً لأفضاله. بعد العصر خرج الرجلان ليتمشيا في شوارع المدينة، رأى حمود في المدينة كل غريب، المحال التجارية الشوارع المسفلتة، الإضاءة، السيارات التي لا تعد. طلب أبو حمود من شيخ قبيلته أن يتوسط لابنه في إحدى الوظائف التي يلتحق بها أبناء "الجماعة". "طق" الشيخ صدره وقال تعال في الغد ومعك ملف ابنك وسندخله على ابن عمنا فلان ولن يقصر معنا. بعد يومين كان الموعد مع ابن العم في الإدارة المبنية من الأسمنت ذات الواجهات الزجاجية اللامعة. حضر الثلاثة واستقبلهم ابن عمهم عند البوابة. طلب الشيخ أن "يدبر" ابن العم حمود في وظيفة "ما فيها تعب". عرض ابن العم عليهم وظيفة في إدارة الصيانة، فاعترض الوالد ومعه الشيخ، فولدهم ليس ممن يعملون في مثل هذا. اقترح عليهم أن يوظفه في مجال الحراسة، فلم يمانعا، خصوصا أن هناك بدلا جيدا. عانى حمود مشكلة الحسم عليه كلما تأخر. بعد أشهر من الحسميات، وتهديد المدير بفصله، ذهب حمود لابن عمه ليبحث له عن وظيفة فيها من "يستحي من الرجال، ويقدرهم ويراعي ظروفهم". عرض عليه ابن العم أن يعمل في العلاقات العامة، فهناك "أكل ومرعى وقلة صنعة" وتشخيص. أعجبت الفكرة حمود. عندما وصل حمود، وجد أن الإدارة فيها تحضير صباحي ومسائي ومراقبة وتدقيق على كل شيء. سأل بجاد أحد زملائه: أراك تغيب ولا يسجل غيابك، وتتأخر وكأنك أول من يداوم. قال الزميل: أكرم الفم تستحي العين. قرر حمود الدعوة للرئيس فوافق، وأقام حفل عشاء كبيرا حضره كبار الجماعة ومدير الإدارة وجميع الرؤساء، وضمن أن الجميع سيتغاضون عن غيابه. عندما أصبح اليوم التالي صحا حمود على مكالمة من ابن عمه يخبره أن غيابه مرفوع للموارد البشرية، ليكتشف أنه كان ضحية الزميل المجرم.