تتابع المعارضة السورية وحلفاؤها في العالم الانتخابات الرئاسية بغضب لكن مع عجز كامل في منع بقاء الرئيس بشار الاسد في منصبه، وهو المطلب الذي قامت من اجله "الثورة" قبل ثلاث سنوات. واذا كان النظام يريد عبر هذه الانتخابات التي ستقتصر على الاراضي التي يسيطر عليها، ان يوجه رسالة الى العالم مفادها انه واثق بالانتصار في الحرب التي تضرب بلاده منذ ثلاث سنوات، فلا شك ان ما ستؤول اليه هذه الانتخابات ايضا يبعد تلقائيا امكانات التوصل الى حل سياسي للازمة في المدى المنظور. ويقول ثائر، ناشط من مدينة حمص في وسط سوريا، لوكالة فرانس برس "قبل سنتين فقط، كنا نظن ان النظام لن يصمد حتى تنظيم الانتخابات في 2014. لا اصدق ان هذا سيحصل". ويضيف الناشط الذي انتقل منذ فترة الى خارج سوريا، عبر الانترنت "عندما بدأت الثورة، كنا أقوى، وكان الحراك سلميا وكثيفا، كنا نعلق آمالا كبيرة على سقوط النظام". ويرى ان الانتخابات المقررة الثلاثاء "مؤشر جديد على ان الثورة السورية تحولت الى حرب بالوكالة يدفع فيها السوريون الثمن الاعلى". ويرى سليم حجازي، قائد عسكري في المعارضة المسلحة في ريف دمشق، ان اسباب تمكن النظام من اجراء الانتخابات تعود الى الانقسامات داخل المعارضة وغياب القيادة وعجز المجتمع الدولي عن الايفاء بوعوده. ويقول "المجتمع الدولي ليس مشلولا... الحقيقة انه لا يريد المساعدة فعلا"، مرددا لسان حال الجزء الاكبر من الناشطين والمعارضين الذين ينتقدون اداء "مجموعة اصدقاء سوريا" التي لا توازي مساعداتها المتواضعة الدعم اللامحدود المقدم الى النظام من حلفائه، لا سيما روسيا وايران، بالاضافة الى حزب الله اللبناني الذي يقاتل الى جانبه. وتحصل دمشق على دعم سياسي ثابت، بالاضافة الى مساعدات ضخمة اقتصادية وعسكرية ومالية من روسيا وايران، بينما يقتصر الدعم الغربي للمعارضة المسلحة على كمية محدودة من "الاسلحة غير الفتاكة" والتجهيزات الطبية، فيما قدمت تركيا وقطر والسعودية كميات من الاسلحة بشكل غير منتظم ومحدود، غير قادرة على الوقوف في وجه ترسانة النظام. كما يشير حجازي الى ان "انعدام التنظيم وتعدد الفصائل والولاءات داخل المعارضة اساء الى الثورة". وحققت المعارضة في السنتين الاوليين من النزاع انجازات كبيرة على الارض، على الرغم من امكاناتها المحدودة، وتمكنت من الاستيلاء على مساحات واسعة من سوريا، لا سيما في الشمال والشرق، لكنها لم تتمكن من الحسم في مواجهة نظام يملك الطائرات الحربية والاسلحة... الكيميائية. وساهم هذا الاختلال في استعادة النظام خلال السنة الاخيرة بعضا مما خسره. وبدأ النزاع السوري بحركة احتجاجية سلمية في منتصف آذار/مارس 2011 واجهها النظام بالقمع والعنف، وما لبثت ان تحولت الى حرب مدمرة تصاعد فيها نفوذ التنظيمات الاسلامية . ويخشى الغرب من تسليم اسلحة الى المعارضة تنتهي في ايدي هذه التنظيمات. وساوى الرئيس الاميركي باراك اوباما في خطاب القاه امس الاربعاء بين نظام الاسد والمجموعات الجهادية التي تدرجها واشنطن على لائحتها للمنظمات الارهابية، وقال "كرئيس اتخذت قرارا بعدم ارسال قوات اميركية الى وسط هذه الحرب الاهلية واعتقد انه كان القرار الصائب. لكن هذا لا يعني اننا لا ينبغي ان نساعد الشعب السوري في النضال ضد دكتاتور يقصف شعبه ويجوعه"، واعدا "بزيادة الدعم الاميركي لهؤلاء في المعارضة السورية الذين يقدمون افضل بديل من الارهابيين والدكتاتور". ويقول القيادي في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سمير نشار، ردا على سؤال لوكالة فرانس برس ان مخاوف الغرب اضعفت المعارضة. ويضيف في اتصال هاتفي من تركيا "يبدو ان الغرب، لا سيما الولايات المتحدة، يركز على كيفية ادارة الازمة السورية، لا على تقديم دعم حقيقي للمعارضة". ويقول الباحث نوا بونسيه من مجموعة الازمات الدولية "الدول الغربية اغدقت وعودا علّق عليها المعارضون آمالا كبيرة، الا ان الدعم المادي المحدود الذي تقدمه غير كاف لتعزيز قوة المعارضين المعتدلين الذين تدعمهم هذه الدول". على الارض، تزامن التقدم الذي احرزه النظام اخيرا لا سيما في حمص التي باتت تحت سيطرته كاملة تقريبا، مع التحضير للانتخابات الرئاسية، ما يؤشر بحسب المعارضين، الى ان النظام "يقول بوضوح انه يريد ان يحسم عسكريا، وان لا حل سياسيا في الافق". وكان ممثلون عن الحكومة والمعارضة السوريتين التقوا برعاية الامم المتحدة في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير في جولتي مفاوضات في جنيف للبحث في سبل الخروج من الازمة، من دون ان يحققوا اي تقدم، لا سيما بسبب اصرار المعارضة على الاتفاق على حكومة انتقالية لا يكون للاسد دور فيها، مقابل رفض النظام التطرق الى مصير الاسد. ويقول نشار ان "السوريين يشعرون بان العالم كله يتآمر عليهم" بعد ثلاث سنوات من نزاع اسفر عن مقتل اكثر من 160 الف شخص ونزوح وتهجير الملايين. وينظر ثائر من جهته الى الانتخابات على انها "مهزلة... لكنها تعني بكل اسف ان الحرب ستتواصل، وان النزف سيستمر".