بالصدفة وأنا أدخل مع (جيش الغفر) لأحد المطاعم بالرياض على طريقة عادل إمام (لحلوح مليح قل لح)، ضبطت أحد الأصدقاء وزوجته في مطعم دون أولادهم، وبعد السلام، وأنا أعانقه وقد أغلقت (عيني اليسرى)، قال لي هامساً (على رسلك، الليلة - ذكرى جميلة - وقلنا نتعشى لوحدنا) واستر علي الله يستر عليك!. حتى يتضح المقال للإخوة (العزوبية) الذين يفترض أنهم لم يسبق أن دلفوا - غير ذلفوا بالذال - لقسم العوائل في أي مطعم سعودي، فإنه يفصل بين معظم الجلسات هناك (ستارة قماش) تعزل النظر، ولا تعزل الصوت ؟!. بمعنى أننا نحن معشر المتزوجين نسمع الحوارات التي تجري في الجلسة المجاورة، ونعلم أنهم يسمعون صوتنا أيضاً، ولكن الثقافة تتطلب أن يتجاهل الجميع الجميع، حفاظاً على التعايش وأكل العيش، وأي جلسه لا يصدر منها سوى صوت (الملعقة والشوكة) هي جلسة رومانسية مريبة، يلزم التنكيد عليهم بصراخ الأطفال و(قربعة) الصحون!. المطاعم في الرياض تختلف عن المطاعم في جدة، أو الشرقية، ففي الرياض الثقافة السائدة (زوجين وشلة من الأطفال) أبناء الأخ + أبناء الأخت + شغالتين، ولك أن تتخيل أي رومانسية في المطعم، فالإزعاج وطلب النادل (المعلم) طوال الوقت لإحضار الماء والشطة، وصحن إضافي، وسؤاله عن بقية الأكل؟ والامتعاض من الطبق البارد، واختلاف الأذواق العلني بأن اختيار المطعم لم يكن موفقاً! وتحذير الأم وتهديدها (بحرمان الأطفال) من أي مطعم في المستقبل، وسؤال الأب المتكرر (الشبكة شغالة)؟! لزمة نمارسها عند الأكل، حتى يصاب (الرومانسيون) في الجلسة المجاورة بالصداع ؟!. هناك ثقافة غريبة في مطاعمنا، ودور اجتماعي رقابي نمارسه دون أن نشعر، يجب الاعتراف به، ومحاولة التخلص منه، فبمجرد دخول رجل وزوجته لوحدهما، تبدأ الأعين بالمراقبة، وكأنهما ارتكبا جريمة، إما بعدم الإنجاب، أو بالعشاء دون أطفالهما؟!. يبدو أن القضية لها ترسبات عدة، ولا تخص (المطعم) لوحده؟!. بدليل أن أول من ضبط صديقي (طالب الستر) أعلاه، هم (أطفالي) الذين انتقدوا دخول (رجل وزوجته) في المطعم لوحدهما؟! بينما تقبلوا وجود (نساء كثر) لوحدهنّ ؟!. وعلى دروب الخير نلتقي.