تُلفتُ أنظار المارة داخل مجمعات تجارية وفي الشوارع المعروفة محلات جديدة في طور الزخرفة (الديكور) والإعداد، وبعد فترة يرى وسائل العرض المُغرية، ثم ترتيب البضاعة الثمينة، والمبالغة في تركيب وتوزيع الإضاءات إلى آخر ما وصلت إليه وسائل العرض المعاصرة. ثم تأتي البضاعة التى يقوم عليها رجال تأنقوا واتقنوا الحديث الناعم. يبدأ استفبال الزبائن ويمشي كل شيء – فيما يبدو – على ما يرام، فالديكور جذاب لكثرة ما صرفوا على اختيار وتوريد وحداته. ونرى العمل يستمر لفترة قد تتجاوز الشهرين، ثم تظهر لوحة " للتقبيل " ويتساءل المرء من سيشتري هذا المحل الضخم. وبعد فترة يرى الناس رجالا يفككون الديكو ثم لا يلبث المحل أن ينشغل بنوع من النشاط يختلف كليا عن النشاط الأول. أسال نفسي كيف يتكبد مستثمر (المستثمر الأول) هذا العناء والمصاريف ليبيعه إلى مشتر آخر؟ فمحل ساعات ومجوهرات ثمينة جدا يتحول إلى مقهى (كوفي شوب) يبيع القهوة والفطائر والمرطبات. بعض من سألتُ عن ظواهر محلية كهذه يقول " دبُور " أي عكس الإقبال، وهي مفردة يستعملها العامة لتفسيرفشل مشروع توقّع صاحبه الربح، وهي أي المفردة فصيحة وفي التنزيل: فَقُطِعَ دابِرُ القوم الذين ظلموا؛ أَي اسْتُؤْصِلَ آخرُهم. والعصريون من المحللين يقولون إن دراسة الجدوى ودقتها جاءت من غير خبير، وأن المستثمر الأول اعتمد على ما رأى من " كثرة الرّجل " أي مرور الكثير من الناس، أو شهرة الشارع أو المجمّع. والبعض عزا الانصراف العاجل والمفاجئ إلى نزاع بين شركاء، ويكاد يتأكد آخرون أن الموضوع لا يعدو كونه مشروعا جزافيا قام به رجل أو امرأة لديه وفرة من المال، وما سهل مدخاله سهل مخراجه Easy come easy go -. وبالمناسبة أود أن آتي على مفردة " للتقبيل " وإخال أننا لنا خصوصية فيّاضة في استعمالها، ولا يوجد لها عند غيرنا من البلدان مكان لغوي أو تجاري. ولي أصحاب من دول الخليج يتندّرون بالمفردة ويسألون ما المقصود منها؟ ونحن نقول "للبيع" إذا أعلنا عن مزرعة أو عمارة أو سيارة واخترنا المفردة للدكاكين في اللوحات، وعلى زجاج المقر، وأيضا في الإعلانات المبوبة في الصحافة.